وأن يأتي على مذهب الاستفهام وهو توبيخ:
كقوله: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (165) [الشعراء: 165] .
ومنه أن يأتي الكلام على لفظ الأمر وهو تهديد:
كقوله: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت: 40] .
وأن يأتي على لفظ الأمر وهو تأديب:
كقوله: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2] ، وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء: 34] .
وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور: 33] ، فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ [الجمعة: 10] .
وعلى لفظ الأمر وهو فرض:
كقوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ [البقرة: 282] ، وأَقِيمُوا الصَّلاةَ [الأنعام: 72] ، ووَ آتُوا الزَّكاةَ [البقرة: 43] .
ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 163] ، وحكاية عن موسى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: 143] ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه.
وكقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (33) [آل عمران: 33] ، ولم يصطفهم على، محمد صلّى الله عليه وسلم، ولا أممهم على أمّته، ألا تراه يقول: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] ، وإنما أراد عالمي أزمنتهم.
وكقوله سبحانه: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا [الحجرات: 14] ، وإنما قاله فريق من الأعراب.
وقوله: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) [الشعراء: 224] ولم يرد كل الشعراء.
ومنه قوله سبحانه: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ [آل عمران: 173] ، وإنما قاله نعيم بن مسعود لأصحاب محمد، صلّى الله عليه وسلم إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ، يعني: أبا سفيان، وعيينة بن حصن، ومالك بن عوف.