responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 108
تبدوا كواكبه والشمس طالعة ... لا النّور نور ولا الإظلام إظلام
ونحوه قول طرفة في وصف امرأة [1] :
إن تنوّله فقد تمنعه ... وتريه النّجم يجري بالظّهر
يقول: تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول: أراني فلانّ الكواكب بالنّهار، إذا برّح به.
وقال الأعشى [2] :
رجعت لما رمت مستحسرا ... ترى للكواكب ظهرا وبيصا
أي: رجعت كئيبا حسيرا، قد أظلم عليك نهارك، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عز وجل: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ [الدخان: 29] .
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم: بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عز وجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم وجنّاتهم غيرهم- لم يبك عليهم باك، ولم يجزع جازع، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون: أراد: فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] ، أراد أهل القرية.
وقال: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها [محمد: 4] ، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس: لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكى عليه الباب، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل، ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض.
ومن هذا الباب قول الله عز وجل: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ [القلم: 51] يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته، أي يسقطك.

[1] البيت من الرمل، وهو في ديوان طرفة بن العبد ص 52، وتهذيب اللغة 10/ 403، 15/ 371، ومجمل اللغة 8/ 332، وأساس البلاغة (نول) ، وتاج العروس (نول) ، وفيه: «في الظهر» بدل:
«بالظهر» . والبيت بلا نسبة في لسان العرب (نول) .
[2] البيت من المتقارب، وهو في ديوان الأعشى ص 255.
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست