أي أخرهما لا تقتلهما ليتبين حالهما للناس أنهما ساحران، وقال بعض المفسرين أرادوا حبسهما، ولذلك قال صاحب روح البيان إنه لم يكن قادرا على حبسهما لما رأى من المعجزتين، وهو وجيه، ولكن يرده ما جاء في سورة الشعراء بعد نظير هذه الآية في الآية 35 منها (لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) وما قيل إن آية الشعراء هذه نزلت قبل آية الأعراف هذه غير سديد لأن الشعراء لم تنزل بعد وأن الطواسيم نزلت متوالية، أما إذا أراد أنه في علم الله غير قادر على حبسهما فمسلم والواقع يؤيده إذ لم يثبت أنه حبسهما، ثم قالوا له «وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ 115» من شرطتك يجمعون لك السحرة من كافة المدن، واشتقاق المدينة من مدن بالمكان إذا أقام به وأمرهم بحزم وعزم «يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ 112» بالسحر ماهر بفتونه ليتبارون معه، فإن كان ما عنده من السحر غلبوه وظهروا عليه وبان للناس أنه وأخوه ساحران، فإذا قتلتهما بعد ذلك فلا لوم عليك لأنهما مفسدان والمفسد يجوز قتله، أما قتلهما الآن قبل أن يظهر كذبهما للعامة ففيه ما فيه من التعدي والظلم وسوء السمعة على الملك ونحن لا نريد أن تسام بالظلم، وان تقتل دون أن يتحقق استحقاق القتل لمن تقتله.
وجاء في الآية 27 من الشعراء سحّار بالمبالغة وهو الذي يدوم سحره ويعلّم الناس السحر، والساحر من يكون سحره منقطعا وقتا دون وقت، قال ابن عباس والسدي وابن اسحق: لما رأى فرعون من سلطان الله وقدرته في العصا واليد قال لا نقاتل موسى إلا بمن هو أشد منه سحرا فبعث غلمانا من بني إسرائيل إلى مدينة الغوصاء ليعلموهم السحر، وضرب لموسى موعدا للمباراة بعد أن تعلموا جاءوا ومعلموهم، فقال فرعون للمعلم: ما صنعته؟ قال علمتهم سحرا لا يطيقه أهل الأرض إلا أن يكون أمرا من السماء فلا طاقة لهم به ثم بعث من مماليكه حسبما أشار عليه ملؤه، فلم يترك ساحرا إلا أتى به، قال مقاتل، جمع اثنين من القبط وسبعين من بني إسرائيل، ثم قال الملأ لفرعون إن غلبوا موسى علمنا والناس أجمع أنه ساحر وإذ ذاك إذا قتلتهما فلا لوم عليك لما في بقائهما من الفساد والإفساد، وإن غلبهم صدقناه واتبعناه، فلم يرد على كلامهم لأن الشق الأخير منه لم يعجبه لأنه