كاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين حالا، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبّح أو يستغفر، وهذان غير المعقّبات الآتي ذكرهم في قوله تعالى (لَهُ مُعَقِّباتٌ) الآية 11 من سورة الرعد في ج 3 لأن الله وكل في بني آدم ملائكة كثيرين من حين يكون في بطن أمه إلى أن يدفن في قبره، ومن لطفه على عباده أنه يكتب للمريض والمسافر مثل ما كانا يعملان في الصحة والإقامة من الحسنات فقط أما السيئات فلا، لأن العقاب فيها متوقف على الفعل فلو نوى ولم يعمل لا يكتب عليه شيء بل تكتب له حسنة كما سيأتي في تفسير الآية 84 من سورة القصص الآتية. أخرج بن أبي شيبة والدارقطني في الافراد والطبراني والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما من أحد من المسلمين يبتلى ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة فقال اكتبوا لعبدي ما كان يعمل وهو صحيح مادام مشدودا في وثاقي. واخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال: قال صلّى الله عليه وسلم: من مرض أو سافر كتب الله تعالى له ما كان يعمل صحيحا مقيما قال تعالى «وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ» أي شدته المذهبة لعقلة وغمرته التي تغشى المحتضر حالة نزعه إذ تحول بينة وبين عقله فتصيّره كالسكران «بِالْحَقِّ» عند بلوغ الأجل اليوم الذي يتبين به الإنسان من أمري الدنيا والآخرة ويعلم فيه ما يوصل إليه حاله من السعادة والشقاوة ويراه عيانا.
واعلم أن الإنسان خلق لشيئين: لعبادة ربه مادام حيا قال تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الآية 56 من الذاريات في ج 2، وللموت عند انقضاء أجله قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) الآية 185 من آل عمران ج 3، وهي مكررة في الأنبياء والعنكبوت 35 و 57 الآتيتين ج 2 وهو لا ينجو منه أحد، قال: مناديه ينادي كل يوم: لدوا للموت وابنوا للخراب ويقال له «ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» تميل تعدل عن الموت الذي تنفر عنه ولا تريده بحالة من الأحوال، فها هو قد جاءك. أخرج البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة وصححه الحاكم قالت: لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو