responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 150
فتكاد تبدي أمرها وتظهر سرَّها، ولو علم به أعداؤه وأعداؤها أعداء الله تعالى؛ ولكنَّ الله تعالى يربط على قلبها بالصبر وهي تصبر، ولكنها لا تسكن بل تتحرك بعمل، فترسل أخته لتتقصى أخباره، وتتعرَّف أحواله، فترى المعجزة الكبرى؛ إذ يمتنع عن المراضع، حتى يعود إلى أمه وتأخذه أخته إلى الأم التي تضطرب بين اليأس والرجاء، بين الأمل الباسم والحرمان الدائم.
اقرأ النص القرآني، وتراه مصورًا لحال تلك الأم الرءوم، فهل تجد مصورًا متحركًا أو واقفًا يستطيع تصوير هذه الحال، ولكنه القصص القرآني المصور الذي نزل من عند الله تعالى.
89- ولنعد إلى قصة موسى وقد تربَّى في قصر فرعون، حيث الترف والبطر، وفي جو الغطرسة والسلطان ومن يدَّعي لنفسه الألوهية، فهل شعر موسى بما يشعر به المترفون المسرفون الذين يستعبدون الناس، ولكنه في الوقت ذاته كان يعيش في أحضان قومه، حيث كان على كثب ممن يقتل فرعون أبناءهم ويستحي نساءهم، فهو البعيد عنهم بحسه القريب منهم بنفسه، يعيش معهم وإن جفاهم في المسكن والإقامة، ولذلك كان القريب في قصر فرعون المستأنس بمن يئويهم فرعون، فيعيش معهم.
ولقد بدا ذلك على أكمله يوم أن بلغ رشده،, واستطاع أن يخرج من محبس فرعون في النعم، ويلاقي الحياة التي يلاقيها قومه، ولقد قص الله -سبحانه وتعالى- قصصه بعد أن بلغ رشده، وصار رجلًا سويًّا، في أسلوب ينُمُّ على الرغبة في الجهاد وتحمل شدائد الحياة، فيقول سبحانه في أحسن قصص مصور: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} [القصص: 14، 15] .
خرج موسى من المحبس، ودخل المدينة، وأهلها لا يتوقعون أن يخرج رجل في ظل القصر، إلى حيث الشعب، ينازل من ينازل ويسالم من يسالم، إلى حيث الحياة اللاغبة العاملة، فكان ذلك مفاجأة، عبر عنها القرآن بقوله: {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} ، وخرج ونفسه مملوءة غيظًا على الذين كانوا أداة في يد فرعون يسوم بهم الناس عذابًا، فوجد مصريًّا يقتل واحدًا من شيعته، فسارع إليه دفاعًا عن اليهودي المعتدى عليه، فاندفع فقتل المصري.
ولكنه قد استرجع ضميره الذي كان في غفوة بسبب العداوة المستحكمة بين العنصرين، وبسبب ما رأى من فرعون ومن معه من جند وأشياع، وأهل مصر صامتون كدأبهم عندما يرون ظلمًا عنيفًا صارخًا يقفون كالنظارة، لا يتحركون لظلم واقع، ولا لهم مستحكم مانع.

اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست