اسم الکتاب : المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 344
المعصور حينئذ هو العنب، فسماه خمرًا لما يصير إليه من بعدُ حكايةً لحاله المستأنفة، كقول الآخر:
إذا ما مات مَيْتٌ من تميم ... فسرَّك أن يعيش فجيء بزاد1
أراد: إذا مات حيٌّ فصار ميْتًا كان كذا، أو فليكن كذا. وعليه قول الفرزدق:
قتلت قتيلًا لم يَرَ الناسُ مثلَه ... أُقَلِّبُهُ ذا تُومتين مُسَوَّرَا2
وقد مضى هذا قبل.
ومن ذلك قراءة عكرمة والجحدري: "فَيُسْقَى ربُّهُ خَمْرًا"[3].
قال أبو الفتح: هذا في الخير يضاهي في الشر قوله: "فيُصْلَبُ"[4]؛ لأن تلك نعمة، وهي نَقِمة[5].
ومن ذلك قراءة ابن عباس وابن عمر بخلاف وعكرمة ومجاهد بخلاف عنهما والضحاك وأبي رجاء وقتادة وشُبيل بن عَزْرَة الضُّبْعِي[6] وربيعة بن عمرو وزيد بن علي: "وادَّكَرَ بَعْد أَمَهٍ"[7]، وقرأ: "بعْد إِمَّةٍ" الأشهب العقيلي.
قال أبو الفتح: "الأَمَهُ": النسيان، أَمِهَ الرجل يَأمَهُ أَمَهًا: أي نسي. "والإِمَّةُ": النعمة؛ أي: بعد أن أنعم عليه بالنجاة.
ومن ذلك قراءة عيسى والأعرج وجعفر بن محمد: "وفيه يُعْصَرُون"[8] بياء مضمومة وصاد مفتوحة.
1 لأبي المهوش الأسدي، وينسب أيضًا إلى يزيد بن عمرو بن الصعق. انظر: سمط اللآلي: 863، والخزانة: 3/ 142.
2 التومة: اللؤلؤة، والمسور: لابس السوار. ويروى: "أقبله" مكان "أقلبه". انظر: الخصائص: 3/ 177، ولم أجده في الديوان. [3] سورة يوسف: 41. [4] من الآية السابقة. [5] هذا أحد أوجه ثلاثة جائزة في ضبطها، والآخران: سكون القاف مع فتح النون وكسرها. [6] كذا في الأصل، والتاج، والاشتقاق: 19، 318، وفي القاموس: عروة، وفي الفهرست 68: عرعرة، كان رافضًا ثم انتقل إلى الشراة، ويعد من خطبائهم وعلمائهم. يروي عن أنس بن مالك، وروى عنه شعبة، وسمع منه سعيد بن عامر. مات بالبصرة وأدرك دولة بني العباس. [7] سورة يوسف: 45. [8] سورة يوسف: 49.
اسم الکتاب : المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها المؤلف : ابن جني الجزء : 1 صفحة : 344