اسم الکتاب : القواعد الحسان لتفسير القرآن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 154
القاعدة الثالثة والستون: العبرة بصدق الإيمان وصلاح الأعمال
يرشد القرآن إلى أن العبرة بحسن حال الإنسان وإيمانه الصحيح وعمله الصالح، وأن الاستدلال على ذلك بالدعاوى المجردة أوبإعطاء الله للعبد من الدنيا بالرياسات والأمور الدنيوية والتقاليد الموروثة: كل ذلك من طرق المنحرفين، والقرآن يكاد أن يكون أكثره تفصيلاً لهذا الأصل وقد قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} ، [سبأ: 37] ، وقال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ {89} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89] ،. وقد أكثر الله هذا المعنى في عدة مواضع. وأما حكاية المعنى الآخر عن المنحرفين فقال عن اليهود والنصارى:
{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، [البقرة: 111] ، ثم ذكر البرهان الذي من أقامه وأتى به فهو المستحق للجنة فقال:
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ، [البقرة: 112] ، وقال: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} ، [النساء: من الآية123] ، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} [مريم: 73] ،
{وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ، [الزخرف: 31] ، ونحوها من الآيات التي يستدل بها الكفار على حسن حالهم، بتفوقهم في الأمور الدنيوية، والرياسات ويذمون المؤمنين مستدلين بنقصهم في هذه الأمور الدنيوية الزائفة، وهذا من أكبر مواضع الفتن؛ فإن الرياسات والأمور الدنيوية مشتركة بين الخليقة: بَرِّها وفاجرها.
اسم الکتاب : القواعد الحسان لتفسير القرآن المؤلف : السعدي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 154