اسم الکتاب : العزف على أنوار الذكر المؤلف : محمود توفيق محمد سعد الجزء : 1 صفحة : 113
وكذلك التعانق بين قوله - سبحانه وتعالى - {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (البقرة: 3) فى مطلعها وحديثه عن أحكام الإنفاق فى سبيل الله - عز وجل - صدقة وحديث عن الإقراض فى الآية السابقة على ختمها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ ... } (البقرة: 282) فكان فى هذا ضربٌ من التآخى جد بديع مما جعل رد المقطع على المطلع المُنْبئ عن المقصود من الأعظم ردًا جدَّ وثيق، فدلَّ على أنَّ فى ختمها اكتنازًا لمقصودها، وهكذا الشأن فى كلِّ سورِ القرآن الكريم (1)
- - -
تدبر الفروق البيانية بين المعانى الكلية المصرفة فى السور:
تشتمل السبع الطول والمئون على معان كلية مكونة من معان جزئية. هذه المعاني الكلّيّة قد يتشابه بعضها فى سورة مع بعض فى سورة أخرى، لما يتسم به الذكر الحكيم من التصريف، وهذايثْمِرُ فروقًا بيانيَّةً فى بناء آيات تلك المعانى الكلية فِي السّورتين.
وتصريف المعاني فى القرآن الكريمِ وجه من وجوه بلاغة المعجزة كما نص على ذلك الأقدمون (2)
(1) - قد كان "برهان الدين البقاعى" (885 هـ) ذا عناية فائقة برد عجز كل سورة ومقطعها على مطلعها؛لأنَّه يرى أنَّ كلَّ سورة يتلاحم طرفاها تلاحما جد لطيف، كالحلقة المفرغة، فإذا ما كان فى طرفها ابتداء إنباء بمقصودها الأعظم، فإنَّ فى طرفها انتهاء استجماع، واكتناز لذلك المقصود. وإذا ما كان لمح إنباء الابتداء بالمقصود بحاجة إلى لقانية وفراسة بيانية، فإنَّ استبصار استجماع الانتهاء ذلك المقصود بحاجة أشد إلى تلك اللقانية والفراسة.
(2) - الرماني: النكت في إعجاز القرآن:101 (ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن – تح: خلف الله وسلام – دار المعارف – مصر
اسم الکتاب : العزف على أنوار الذكر المؤلف : محمود توفيق محمد سعد الجزء : 1 صفحة : 113