responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 201
هذا يكون الخطأ واقعاً فى الدليل لا فى المدلول أيضاً، وهذه الصورة تنطبق على تفاسير بعض المتصوفة الذين يفسِّرون القرآن بمعان إشارية صحيحة فى حد ذاتها، ومع ذلك فإنهم يقولون: إن المعانى الظاهرة غير مرادة، وتفسير هؤلاء أقرب ما يكون إلى تفسير الباطنية، ومن ذلك ما فسَّرَ به سهل التسترى قوله تعالى فى الآية [35] من سورة البقرة: {وَلاَ تَقْرَبَا هاذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} .. حيث يقول ما نصه: لم يرد الله معنى الأكل فى الحقيقة، وإنما أراد معنى مساكنة الهمة لشئ هو غيره ... . إلخ.
الصورة الثالثة: أن يكون المعنى الذى يريد المفسِّر نفيه أو إثباته خطأ، فمراعاة لهذا المعنى يحمل عليه لفظ القرآن، مع أنه لا يدل عليه ولا يُراد منه، وهو مع ذلك لا ينفى الظاهر المراد، وعلى هذا يكون الخطأ واقعاً فى الدليل والمدلول معاً، وهذه الصورة تنطبق على ما ذكره بعض المتصوفة من المعانى الباطلة، وذلك كالتفسير المبنى على القول بوحدة الوجود، كما جاء فى التفسير المنسوب لابن عربى عندما عرض لقوله تعالى فى الآية [8] من سورة المزمل: {واذكر اسم رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} .. من قوله فى تفسيرها: واذكر اسم ربك الذى هو أنت، أى اعرف نفسك ولا تنسها فينسك الله ... . إلخ.
الصورة الرابعة: أن يكون المعنى الذى يريد المفسِّر نفيه أو إثباته خطأ، فمراعاة لهذا المعنى يسلب لفظ القرآن ما يدل عليه ويُراد به، ويحمله على ذلك الخطأ دون الظاهر المراد، وعلى هذا يكون الخطأ فى الدليل والمدلول معاً، وهذه الصورة تنطبق على تفاسير أهل البدع، والمذاهب الباطلة، فتارة يلوون لفظ القرآن عن ظاهره المراد إلى معنى ليس فى اللفظ أى دلالة عليه، كتفسير بعض غلاة الشيعة: "الجبت والطاغوت" بأبى بكر وعمر، وتارة يحتالون على صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى فيه تكلف غير مقبول، وذلك إذا أحسوا أن اللفظ القرآنى يصادم مذهبهم الباطل، كما فعل بعض المعتزلة ففسَّر لفظ "إلى" فى قوله تعالى فى الآيتين [22، 23] من سورة القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} بالنعمة، ذهاباً منهم إلى أن "إلى" واحد الآلاء، بمعنى النعم، فيكون المعنى: ناظرة نعمة ربها، على التقديم والتأخير، وذلك كله ليصرف الآية عما تدل عليه من رؤية الله فى الآخرة.
وأما الخطأ الذى يرجع إلى الجهة الثانية فهو يقع على صورتين:
الصورة الأولى: أن يكون اللفظ محتملاً للمعنى الذى ذكره المفسِّر لغة، ولكنه غير مراد، وذلك كاللفظ الذى يُطلق فى اللغة على معنيين أو أكثر. والمراد منه واحد بعينه، فيأتى المفسِّر فيحمله على معنى آخر من معانيه غير المعنى المراد، وذلك كلفظ "أُمَّة" فإنه يُطلق على معان، منها: الجماعة، والطريقة المسلوكة فى الدين، والرجل الجامع لصفات الخير، فحمله على غير معنى الطريقة المسلوكة فى الدين فى قوله تعالى فى الآية [22] من سورة الزخرف: {إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ} غير صحيح وإن احتمله اللفظ لغة.
الصورة الثانية: أن يكون اللفظ موضوعاً لمعنى بعينه، ولكنه

اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست