responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 200
ونرى هنا أن نذكر منشأ هذا الخطأ الذى وقع فيه كثير من طوائف المفسِّرين فنقول:
يرجع الخطأ فى التفسير بالرأى - غالباً - إلى جهتين حدثنا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، فإن الكتب التى يُذكر فيها كلام هؤلاء صرفاً غير ممزوج بغيره، كتفسير عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وغيرهما، لا يكاد يوجد فيها شئ من هاتين الجهتين، بخلاف الكتب التى جَدَّت بعد ذلك فإن كثيراً منها، كتفاسير المعتزلة والشيعة، مليئة بأخطاء لا تُغتفر، حملهم على ارتكابهم نُصرة المذهب والدفاع عن العقيدة.
أما هاتان الجهتان اللتان يرجع إليهما الخطأ فى الغالب فهما ما يأتى:
الجهة الأولى: أن يعتقد المفسِّر معنى من المعانى، ثم يريد أن يحمل ألفاظ القرآن على ذلك المعنى الذى يعتقده.
الجهة الثانية: أن يفسِّر القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه مَنْ كان مِنَ الناطقين بلغة العرب. وذلك بدون نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنزَّل عليه، والمخاطَب به.
فالجهة الأولى: مراعى فيها المعنى الذى يعتقده المفسِّر من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان.
والجهة الثانية: مراعى فيها مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به العربى، من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم به والمخاطَب، وسياق الكلام.
ثم إن الخطأ الذى يرجع إلى الجهة الأولى يقع على أربع صور:
الصورة الأولى: أن يكون المعنى الذى يريد المفسِّر نفيه أو إثباته صواباً، فمراعاة لهذا المعنى يحمل عليه لفظ القرآن، مع أنه لا يدل عليه ولا يُراد منه، وهو مع ذلك لا ينفى المعنى الظاهر المراد، وعلى هذا يكون الخطأ واقعاً فى الدليل لا فى المدلول، وهذه الصورة تنطبق على كثير من تفاسير الصوفية والوعَّاظ الذين يفسِّرون القرآن بمعان صحيحة فى ذاتها ولكنها غير مرادة، ومع ذلك فهم يقولون بظاهر المعنى، وذلك مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى حقائق التفسير، فمثلاً عندما عرض لقوله تعالى فى الآية [66] من سورة النساء: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ ... .} الآية، نجده يقول ما نصه: {اقتلوا أَنْفُسَكُمْ} بمخالفة هواها، {أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ} ، أي أخرجوا حب الدنيا من قلوبكم.. إلخ.
الصورة الثانية: أن يكون المعنى الذى يريد المفسِّر نفيه أو إثباته صواباً، فمراعاة لهذا المعنى يسلب لفظ القرآن ما يدل عليه ويُراد به. ويحمله على ما يريده هو، وعلى

اسم الکتاب : التفسير والمفسرون المؤلف : الذهبي، محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست