responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 208
في التعبير، الذي لا يبالغ في شيء، إنما يضع الاحتمالات والاحتياطات لكل حالة:
{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوء} [1].
فإذا رأى أنس الملك به وارتياحه لتأويله؛ وسمع منه قوله: {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِين} لم يدع الفرصة تذهب بل {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} فيجاب إلى طلبه في أنسب الظروف.
ويدل تصرف يوسف في سني الخصب والجدب على مهارة واضحة في الإدارة والاقتصاد، فقد أشرف على المالية والتموين أربع عشرة سنة، لا على تموين مصر وحدها، بل على تموين البلاد القريبة المجاورة، التي أجدبت كذلك، وجاءت مصر تستجدي الخبز والحياة سبع سنين.
ثم إذا جاء إخوته فعرفهم وهم له منكرون، جعل حصوله منهم على أخيه، ثمنًا لحصولهم على القوت، فإذا جاءوه بأخيه وأراد احتجازه {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} فإذا أنكروا السرقة، وطلبوا تفتيشهم، وأخذ من تظهر الكأس في أمتعته ثمنًا للكأس، تبدت الحصافة

[1] في قول يوسف ذاته هنا ما يؤيد تفسيرنا الذي أسلفنا، فالنفس أمارة بالسوء ولقد أمرته، فما يبرئ نفسه من الأمر، ولكنه استعصم، ورأى برهان ربه فأمسك، وهي عصمة لا شك فيها بعد الفتنة التي تعرض لشبيهة لها نبي الله داود كذلك في قصة النعجة الواحدة والتسع والتسعين نعجة.
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست