responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 198
وهذه هي الهزة الرابعة. والمفاجأة العظمى. وإنا لنكاد نحن -لا مريم- نهب على الأقدام وثبًا، روعة من هذه الهزة وعجبًا: طفل ولد للحظة، يناديها من تحتها، ويمهد لها مصاعبها، ويهيئ لها طعامها. إلا إنها الهزة الكبرى!
ونحسبها قد دهشت طويلًا، وبهتت طويلا، قبل أن تمد يدها إلى جذع النخلة تهزة ليساقط عليها رطبًا جنيًّا -لتتأكد على الأقل، ويطمئن قلبها لما تواجه به أهلها- ولكن هنا فجوة تترك للخيال أن يقيم عندها قنطرة، ويعبرها ...
{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} .
فلتطمئن الآن مريم، ولتنتقل الهزات النفسية إلى سواها. {قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} .
إن الهزة لتطلق ألسنتهم بالسخرية والتهكم على "أخت هارون"! وفي تذكيرها بهذه الأخوة ما فيه من مفارقة، فهذه حادثة في هذا البيت لا سابقة لها.
{مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} .
"فأشارت إليه". ويبدو أنها كانت مطمئنة لتكرار المعجزة هنا؛ أما هم فما عسى أن نقول في العجب الذي يساورهم، والسخرية التي تجيش بها نفوسهم، وهم يرون عذراء تواجههم بطفل، ثم تتبجح فتشير إليه ليسألوه عن سرها: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} .
ولكن ها هي ذي المعجزة المرتقبة:

اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست