اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 17
منبع السحر في القرآن:
كيف استحوذ القرآن على العرب هذا الاستحواذ؟ وكيف اجتمع على الإقرار بسحره المؤمنون والكافرون سواء؟
بعض الباحثين في مزايا القرآن، ينظر إلى القرآن جملة ثم يجيب؛ وبعضهم يذكر غير النسق الفني للقرآن أسبابًا أخرى يستمدها من موضوعاته بعد أن صار كاملًا: من تشريع دقيق صالح لكل زمان ومكان، ومن إخبار عن الغيب يتحقق بعد أعوام، ومن علوم كونية في خلق الكون والإنسان.
ولكن البحث على هذا النحو إنما يثبت المزية للقرآن مكتملًا. فما القول في السور القلائل التي لا تشريع فيها ولا غيب ولا علوم؛ ولا تجمع بطبيعة الحال كل المزايا المتفرقة في القرآن؟ إن هذه السور القلائل قد سحر العرب بها منذ اللحظة الأولى، وفي وقت لم يكن التشريع المحكم، ولا الأغراض الكبرى، هي التي تسترعي إحساسهم، وتستحق منهم الإعجاب.
لا بد إذن أن تلك السور القلائل كانت تحتوي على العنصر الذي يسحر المستمعين، ويستحوذ على المؤمنين والكافرين. وإذا حسب الأثر القرآني في إسلام المسلمين، فهذه السور الأولى تفوز منه بالنصيب الأوفى، مهما يكن عدد المسلمين من القلة في ذاك الأوان. ذلك أنهم إذ ذاك تأثروا بهذا القرآن وحده -على الأغلب- فآمنوا. أما الكثرة الكثيرة التي أسلمت بعد أن ظهر المسلمون، وبعد أن غلب الدين، فقد كان أمامها بجانب القرآن عوامل يتأثر بها من يسلمون، كل على طريقته، وكل وما ركب في طبيعته.
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 17