اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 132
إنه هنا بصورة القدرة القادرة، التي تقول للشيء: "كن فيكون" والسرعة مما يزيد وضوح القدرة -ولا سيما إذا طوت هذه الآماد المتطاولة في غمضة- فكيف تكفرون بالله إذن، وهو الذي يملك أموركم كلخها من قبل ومن بعد "ثم إليه ترجعون".
وتكملة لهذه السرعة تأتي الآية التالية:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} .
هكذا في ومضة "خلق لكم ما في الأرض جميعًا"، وفي ومضة "استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات" وخلق ما في الأرض، أو شيء مما خلق في الأرض يستغرق في مواضع أخرى آيات طوالًا، حينما يريد التفصيل والتطويل.
5- وإلى هنا كان القصر باختصار المراحل أو إدماجها.
فالآن نعرض مثالًا آخر يأتي القصر فيه من لمسات الريشة السريعة العنيفة اللمسات. هذه الريشة المعجزة التي تخط لمسة هنا ولمسة هناك، ثم تطوي اللوحة كلها، كأنها ما عرضت قط. فما يكاد الخيال يتلفت ليراها حتى يفتقدها فلا يلقاها:
{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} .
انظر: لقد خر من السماء، انظر: لقد خطفته الطير. انظر: لقد هوت به الريح في مكان سحيق. انظر: لقد اختفى المسرح ومن فيه1
ولم هذه السرعة الخاطفة؟ لئلا يتوهم أحد أن لمن يشرك بالله
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 132