قلت: أين الدليل على أن {لا يَحِلُّ} نزلت أولًا؟
16- {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} .
قالوا: منسوخة بآية السيف أو آية الغنيمة.
قلت: لا نسخ فيها، والحكم باقٍ.
وأما قوله: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} فخاص به صلى الله عليه وسلم، لا يقال عنه: إنه نسخ بإقامة الصلاة.
واعلم أن كثيرًا من الآيات ذكر في كتب القدماء القول بنسخها؛ لأنهم كانوا يطلقون النسخ على تبيين المجمل، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وموهم الاختلاف؛ كقوله في الدعاء: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} وفي الصلاة: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} .
فإن قلت: فما الحكمة في نسخ الحكم مع بقاء التلاوة؟
قلت: للتذكير بالنعمة إن كان الناسخ أيسر، وإن كان أشد فللاختبار ونسخ الحكم مع بقاء التلاوة لا يجردها من الفائدة، فهي كلام الله {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} .
ولا يقال بالنسخ إلا استنادًا إلى نقل صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن النسخ رفع حكم وإثبات آخر، فلا يقال بالاجتهاد.
ويستوي أن يكون النسخ في الأمر، وأن يكون في الجملة الخبرية الطلبية في المعنى.
وأما موهم الاختلاف والتعارض، فإنه يرجع إلى نصين متقابلين في الدلالة ظاهرًا، ولا يوجد في القرآن تعارض باقٍ؛ لأن ما ثبت تعارضه ولم يمكن الجمع فيه يقال بالنسخ..