وقال ابن خالويه: ليس في القرآن "بعد" بمعنى "قبل"؛ إلا حرف واحد {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} .
قال مغلطاي في كتاب الميسر: قد وجدنا حرفًا آخر؛ وهو قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} .
قال أبو موسى في كتاب المغيث: معناه هنا "قبل"؛ لأنه تعالى خلق الأرض في يومين ثم استوى إلى السماء، فعلى هذا خلق الأرض قبل خلق السماء. اهـ.
وأما التقديم والتأخير فمراد به تأخير كلمة عن موضعها لحكمة اقتضت ذلك، أو تقديمها؛ نحو: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .
هذا من تقديم الكلام وتأخيره.
والتقدير: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا؛ إنما يريد الله ليعذبهم بها.
والسر في التأخير أنه يعذبهم على ما كان منهم من جحود النعم في الدنيا.. وكذا قوله: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} .
والتقدير: وأجل مسمى لكان لزامًا.
والسر في التأخير الاعتناء بوقت وقوع القضاء.
وقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا} والتقدير: الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا.
والسر: الاعتناء بحال الكتاب من أنه قيم ومهيمن.
وكذا قوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} فالرفع قبل الوفاة كما نقل عن مجاهد.