ومما يحدث فيه الخلاف بين طلاب الحق النزاع في اللفظ المشترك[1] أو في القضية المهملة[2]. وكل فريق يلحظ جانبًا مغايرًا لما يلحظه منازعه. ولا يتحقق التناقض الحقيقي بين المختلفين إلا بعد توافر شروط ستة:
1- أن يكون المحكوم عليه واحدًا بالذات.
2- أن يكون الحكم واحدًا.
3- اتحاد الإضافة في الأمور الإضافية.
4- الاتحاد في القوة والفعل.
5- الاتحاد في الكل والجزء.
6- اتحاد الزمان والمكان والحال[3].
ومما هو مثار الغلط بين الفقهاء والمتكلمين استخدامهم القضايا المشهورة مع الغفلة عن بعض شروطها؛ كقولهم: الكذب قبيح، وكل قبيح ينهى عن الإسلام، فما باله يسمح به في الحرب. ونسوا شرطًا؛ وهو أن الكذب القبيح هو ما كان مع مَن يثق بك والحرب خَدْعَة. وما قبح الكذب إلا لأنه يؤدي إلى قلب الحقائق، ولو كان المحارب يؤمن بها ما حارب.
وعليه؛ فكل شيء يُوصف بالحسن أو بالقبح للغرض منه أو لترتب الجزاء عليه، فيجب أن يكون موقوفًا على محله لا يتعداه إلى غيره. فأفعال الله التي هي منزهة عن الأغراض ولا يترتب على فعلها جزاء فاعلها لا توصف بحسن أو بقبح. فإن وصفت فبملاحظة أمر آخر وهو نقلها إلى العبد، فاختلفت في الوصف باختلاف المحل.
ومثال ما تقع المغالطة بسبب استعمال اللفظ المشترك قولهم: هذا الشيء سبب لذلك الشيء. وإذا وجد السبب وجد المسبب، وإذا انعدم انعدم. وهذا يسلم به لو كان السبب سببًا عقليًّا. [1] اللفظ المشترك: ما اتحد لفظه ويتعدد وضعه ومعناه. [2] القضية المهملة: هي القضية التي ليس معها لفظ يدل على بيان كمية الأفراد كلها أو بعضها عكس القضية المحصورة. [3] راجع شروط تحقق التناقض في كتاب المنطق المفيد لأستاذنا محمد عبد العزيز البهنسي قسم التصديقات ص29.