responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 456
نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةٌ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ لَحَسَتْهُ لَمَا أَدَّتْ حَقَّهُ". وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ". وَفِي حَدِيثِ حُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ عَمَّةٍ لَهُ: أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟ " فَقَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: "فَأَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؟ " قَالَتْ: مَا آلُوهُ إلَّا مَا عَجَزْت عَنْهُ، قَالَ: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُك أَوْ نَارُك". وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ" وَحَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ أَنْ يَصُمْنَ إلَّا بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ". فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ دَلَالَةُ الْكِتَابِ تُوجِبُ تَفْضِيلَ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا عَقْدُ النِّكَاحِ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عِدَّةُ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَقِيَ نِسَاءٌ لَمْ تَنْزِلْ عِدَّتُهُنَّ بَعْدُ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالْحُبْلَى فَنَزَلَتْ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: 4] إلَى قَوْلِهِ: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] . وَرَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فَجَعَلَ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثَ حِيَضٍ، ثُمَّ نَسَخَ مِنْهَا الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَنُسِخَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْقُرُوءِ امْرَأَتَانِ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4] فَهَذِهِ الْعَجُوزُ الَّتِي لَا تَحِيضُ، {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَهَذِهِ الْبِكْرُ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ الْحَيْضُ مِنْ أَمْرِهَا فِي شَيْءٍ. وَنُسِخَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْقُرُوءِ الْحَامِلُ فَقَالَ: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهَذِهِ أَيْضًا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرُوءِ فِي شَيْءٍ، إنَّمَا أَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى نَسْخِ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عِدَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَالْحُبْلَى، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ عَلِمُوا خُصُوصَ الْآيَةِ وَأَنَّ الْحُبْلَى لَمْ تَدْخُلْ فِيهَا مَعَ جَوَازِ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً بِهَا، وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ; لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَشْتَرِطَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَإِنْ طَلُقَتْ وَهِيَ صَغِيرَةٌ، وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَقَدْ عُقِلَ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهَا لَمْ تُرَدْ بِهَا; لِأَنَّ الْآيِسَةَ هِيَ الَّتِي لَا يُرْجَى لَهَا حَيْضٌ، فَلَا جَائِزَ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا مُرَادُ الْآيَةِ بِحَالٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْآيَةَ كَانَتْ عَامَّةً فِي اقْتِضَائِهَا إيجَابَ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَأَنَّهُ نُسِخَ مِنْهَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا.

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 456
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست