responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 305
فَإِنْ قِيلَ تَحْدِيدُ الْعَشَرَةِ لِمَا
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ
وَرُوِيَ أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَوَّالٍ فِي بَعْضِ السِّنِينَ
وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ اعْتَكَفَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْفُقَهَاءُ أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِاعْتِكَافِ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُوجِبِ عَلَى أَحَدٍ اعْتِكَافًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ لِلِاعْتِكَافِ عَلَى الْوُجُوبِ فَتَحْدِيدُ الْعَشَرَةِ أَوْلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ بِفِعْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْفَ عَنْ غَيْرِهِ فَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ اعْتِكَافَ الْعَشَرَةِ جَائِزٌ وَنَفْيُ مَا دُونَهَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] وَلَمْ يَحُدَّهُ بِوَقْتٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِمُدَّةٍ فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابٌ الِاعْتِكَافُ هَلْ يَجُوزُ بِغَيْرِ صَوْمٍ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الِاعْتِكَافَ اسْمٌ شَرْعِيٌّ وَمَا كَانَ هَذَا حُكْمَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجْمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ إلَى الْبَيَانِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالُوا الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ سُنَّةِ الْمُعْتَكِفِ أَنْ يَصُومَ
وَرَوَى حاتم ابن إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَقَالَ آخَرُونَ يَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ رَوَى الْحَكَمُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَقَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَسَعِيدٍ وَأَبُو مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالُوا إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْ وَرَوَى طَاوُسٌ عَنْ ابن عباس مثله واختلف فيه أَيْضًا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الِاعْتِكَافُ فِي رَمَضَانَ وَالْجَوَارُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَمَنْ جَاوَرَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُعْتَكِفِ مِنْ الصِّيَامِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا كَانَ الِاعْتِكَافُ اسْمًا مُجْمِلًا لِمَا بَيَّنَّا كَانَ مُفْتَقِرًا إلَى الْبَيَانِ فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اعْتِكَافِهِ فَهُوَ وَارِدٌ مَوْرِدَ الْبَيَانِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونُ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّ فِعْلَهُ إذَا وَرَدَ مَوْرِدَ الْبَيَانِ فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ فَلَمَّا
ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ
وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ مِنْ شُرُوطِهِ الَّتِي لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ كَفِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ لِأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست