responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 304
ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْهُ زَيْنَبُ فَأَذِنَ لَهَا فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ رَأَى فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَةَ أَبْنِيَةٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالُوا لِزَيْنَبِ وَحَفْصَةَ وَعَائِشَةَ فَقَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فَأَخْبَرَتْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُنَّ فِي الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ انْصَرَفَ إلَى اعْتِكَافِهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَبْنِيَتَهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ تَرَكَ الِاعْتِكَافَ حَتَّى تَرَكْنَ أَيْضًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ بَدِيًّا لَمْ يَكُنْ إذْنًا لَهُنَّ فِي الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَيْضًا فَلَوْ صَحَّ أَنَّ الْإِذْنَ بَدِيَّا انْصَرَفَ إلَى فِعْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ لَكَانَتْ الْكَرَاهَةُ دَالَّةً عَلَى نَسْخِهِ وَكَانَ الْآخِرُ مِنْ أَمْرِهِ أَوْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَسْخًا لِلْإِذْنِ لِأَنَّ النَّسْخَ عِنْدَكُمْ لَا يَجُوزُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ قِيلَ لَهُ قَدْ كُنَّ مُكِّنَّ مِنْ الْفِعْلِ لِأَدْنَى الِاعْتِكَافِ لِأَنَّهُ مِنْ حِينِ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ ذَلِكَ اليوم أَنْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْكَرَ فِعْلَهُنَّ ذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ التَّمْكِينُ مِنْ الِاعْتِكَافِ فَلِذَلِكَ جَازَ وُرُودُ النَّسْخِ بَعْدَهُ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ حَيْثُ شَاءَ فَلَا مَعْنَى له لأنه ليس الاعتكاف تَعَلُّقٌ بِالْجُمُعَةِ وَقَدْ وَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فِيمَنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَمَنْ لَيْسَتْ عَلَيْهِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَوْضِعِ الِاعْتِكَافِ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ لَابِثَةً مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَكِفَةً أَوْ غَيْرَ مُعْتَكِفَةٍ فَأَمَّا مَنْ سِوَاهَا فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى [وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ] فَلَمْ يُخَصِّصْ مَنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الِاعْتِكَافِ مَنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَمَنْ لَيْسَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَافِلَةٌ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى أَحَدٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا وَمَا شَاءَ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي مَنْ دَخَلَ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ بِالْقَوْلِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ هُوَ مُعْتَكِفٌ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ صَائِمًا فِي مِقْدَارِ لَبْثِهِ فِيهِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ فِي غَيْرِ الْأُصُولِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّهُ يَوْمًا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَا سَمِعْتُ أَنَّ أَحَدًا اعْتَكَفَ دُونَ عَشْرٍ وَمَنْ صَنَعَ ذَلِكَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الِاعْتِكَافُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا اعْتِكَافَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ لَا أَسْتَحِبُّ أَنْ يَعْتَكِفَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامِ قَالَ أَبُو بَكْرِ تَحْدِيدُ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَوْقِيفٍ أَوْ اتِّفَاقٍ وَهُمَا مَعْدُومَانِ فَالْمُوجِبُ لِتَحْدِيدِهِ مُتَحَكِّمٌ قَائِلٌ بغير دلالة

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست