responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر المؤلف : فهد الرومي    الجزء : 1  صفحة : 385
وبما أن المؤلف إمامي يعتقد بعصمة علي -رضي الله عنه- فإن في هذا الأمر إشكالين وضحهما ورد عليهما بقوله: "أولا بأن أمثال هذه المعاتبات ونسبة التحريم والاعتداء والتقوى ولغو الإيمان غير مناسبة لمقام علي -عليه السلام- وثانيا بأنه -عليه السلام- ما كان عالما بأن تحريم الحلال إن كان بالاستبداد والرأي كان من البدع والضلال, وإن كان بالنذر وشبهه كما دل عليه الخبر كان مرجوحا غير مرضي لله تعالى, ومع ذلك حرمه على نفسه أو كان جاهلا بذلك, وكلا الوجهين غير لائق بمقامه, عليه السلام.
والجواب الجلي لطالبي الآخرة والسالكين إلى الله الذين بايعوه بالولاية وتابعوه بقدم صدق واستشموا نفحات نشأته حال سلوكه أن يقال: إن السالك إلى الله يتم سلوكه باستجماعه بين نشأتي الجذب والسلوك, بمعنى توسطه بين تفريط السلوك الصرف وإفراط الجذب الصرف, فإنه إن كان في نشأة السلوك فقد جمد طبعه ببرودة السلوك حتى يقف عن السير، وإن كان من نشأة الجذب فقط فني بحرارة الجذب عن أفعاله وصفاته وذاته بحيث لا يبقى منه أثر ولا خبر, وهو وإن كان في روح وراحة لكنه ناقص كمال النقص من حيث إن المطلوب منه حضوره بالعود لدى ربه مع جنوده وخدمه وأتباعه وحشمه, وهو طرح الكل وتسارع بوحدته, فالسالك إلى الله تكميله مربوط بأن يكون في الجذب والسلوك منكسرا برودة سلوكه بحرارة جذبه, فالجذب والسلوك كالليل والنهار أو كالصيف والشتاء من حيث إنهما يربيان المواليد بتضادهما, فهما مع كونهما متنازعين متآلفان متوافقان.
إذا علمت ذلك, فاعلم أن السالك إذا وقع في نشأة الجذب وشرب من شراب الشوق الزنجبيلي, سكر وطرب ووجد بحيث لا يبقى في نظره سوى الخدمة للمحبوب, وكلما رآه منافيا للخدمة رآه ثقلا ووبالا على نفسه ومكروها لمولاه فيصمم في طرحه ويعزم على ترك الاشتغال به, وهو من كمال الطاعة لا أنه ترك الطاعة كما يظن, فلا ضير أن يكون أمير المؤمنين على حال سلوكه وقع في تلك النشأة وحرم على نفسه كل ما يشغله عن الخدمة لكمال الاهتمام بالطاعة, ولما لم يمكن تحصيل الكمال التام إلا بالجمع بين النشأتين أسقاه محمد -صلى الله عليه وسلم- من شراب السلوك؛ لأنه كان مكملا مربيا له ولغيره؛ ولذا قالوا: لا بد

اسم الکتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر المؤلف : فهد الرومي    الجزء : 1  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست