responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر المؤلف : فهد الرومي    الجزء : 1  صفحة : 174
مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [1] الآيتين, قال رحمه الله تعالى: "هذه الآية تكرر نظيرها في التنزيل الكريم في عدة سور وهي من الآيات الجديرة بالتدبر لتمحيص الحق في المراد منها، فقد زعم المعتزلة أن فيها دلالة واضحة لمذهبهم من أن الله لا يشاء المعاصي والكفر كما تبجح بذلك منهم الطبرسي الشيعي في تفسيره وقال: إن فيها تكذيبا ظاهرا لمن أضاف مشيئة ذلك إلى الله سبحانه، وكذا الزمخشري في تفسيره.
ومعلوم أن عقيدة الفرقة الناجية الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن, وأنه ما في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه، لا يكون في ملكه إلا ما يريد، وهو خالق لأفعال العباد.
وقد خالف في ذلك عامة القدرية -الذين سماهم النبي -صلى الله عليه وسلم- مجوس هذه الأمة- فقالوا: لا إرادة إلا بمعنى المشيئة وهو لم يرد إلا ما أمر به، ولم يخلق شيئا من أفعال العباد فعندهم أكثر ما يقع من أفعال العباد على خلاف إرادته تعالى.
ولما كان قولهم هذا في غاية الشناعة تبرأ منهم الصحابة، وأصل بدعتهم -كما قال ابن تيمية- كانت من عجز عقولهم عن الإيمان بقدر الله والإيمان بأمره ونهيه, وسنبين تحقيق ذلك بعد أن نورد شبهتهم في هذه الآية وندفعها -بعون الله تعالى- بعدة وجوه فنقول:
"قالوا": إن الله تعالى حكى عن المشركين أنهم قالوا: أشركنا بإرادة الله تعالى ولو أراد عدم إشراكنا لما أشركنا ولما صدر عنا تحريم المحللات، فقد أسندوا كفرهم وعصيانهم إلى إرادته تعالى كما تزعمون أنتم. ثم إنه تعالى رد عليهم مقالتهم وبين بطلانها وذمهم عليها وأوعدهم عليها وعيدا شديدا, فلو كان يجوز إضافة المشيئة إلى الله تعالى في ذلك, على ما تضيفون أنتم، لم يكن يرد ذلك عليهم ويتوعدهم!

[1] سورة الأنعام: من الآيتين 148 و149.
اسم الکتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر المؤلف : فهد الرومي    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست