responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 66
رَأْيُ عُلَمَائِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا صِيَامَهُمْ فِي فَصْلٍ مِنَ السَّنَةِ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَجَعَلُوهُ فِي الرَّبِيعِ وَزَادُوا فِيهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَفَّارَةً لِمَا صَنَعُوا فَصَارَ أربعين ثم أتموه خمسين يومًا {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] يَعْنِي: بِالصَّوْمِ، لِأَنَّ الصَّوْمَ وَصْلَةٌ إِلَى التَّقْوَى، لِمَا فِيهِ مِنْ قَهْرِ النَّفْسِ وَكَسْرِ الشَّهَوَاتِ، وَقِيلَ: (لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) تَحْذَرُونَ عَنِ الشَّهَوَاتِ مِنَ الْأَكْلِ والشرب والجماع.
[184] {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] قِيلَ: كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَاجِبًا، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَصَامُوا كَذَلِكَ مِنَ الرَّبِيعِ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانَ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ نُسخ بِصَوْمِ رَمَضَانَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَا نُسخ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَمْرُ الْقِبْلَةِ وَالصَّوْمِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) : شَهْرُ رَمَضَانَ، وَهِيَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَنَصَبَ (أَيَّامًا) عَلَى الظَّرْفِ، أي: في أيام مَعْدُودَاتٍ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 184] أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] أَيْ فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ، وَالْعَدَدُ وَالْعِدَّةُ وَاحِدٌ، مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، أَيْ غير أيام مرضه وسفره {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ وحُكمها، فَذَهَبَ أْكثرهم إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ مُخيرين بَيْنَ أَنْ يصوموا وبين أن يفطروا أو يفتدوا، خَيّرهم اللَّهُ تَعَالَى لِئَلَّا يَشُقّ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصَّوْمَ، ثُمَّ نُسخ التَّخْيِيرَ وَنَزَلَتِ الْعَزِيمَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] قال قَتَادَةُ: هِيَ خَاصَّةٌ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي يُطِيقُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ، رُخِّصَ لَهُ فِي أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْدِيَ، ثُمَّ نُسِخَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هَذَا فِي الْمَرِيضِ الَّذِي بِهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَرَضِ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ لِلصَّوْمِ، خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ وبين أن يفطر أو يفدي، ثُمَّ نُسخ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وثبتت الرخصةُ للذين يُطيقون، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَمَعْنَاهُ: وَعَلَى الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَهُ فِي حال الشباب فعجزوا عنه في حال الكِبَر فَعَلَيْهِمُ الْفِدْيَةُ بَدَلَ الصَّوْمِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ (وَعَلَي الَّذِين يُطَوَّقُونَه) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِهَا، أَيْ: يُكلّفون الصَّوْمَ، وَتَأْوِيلُهُ: عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرجى زَوَالُ مَرَضِهِ، فَهُمْ يُكلفون الصَّوْمَ وَلَا يُطيقونه، فَلَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا ويُطعموا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبير، وَجَعَلَ الآيةَ مُحْكَمَةً. قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ مُضَافًا، وَكَذَلِكَ فِي الْمَائِدَةِ: (كَفَّارَةٌ طَعَامُ مساكين) ، أَضَافَ الْفِدْيَةَ إِلَى الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] وَقَوْلِهِمْ: مَسْجِدُ الْجَامِعِ، وَرَبِيعُ الْأَوَّلِ، وَقَرَأَ الآخرون (فديةٌ، وكفارةٌ) منونة، (وطَعَامُ) رُفِعَ، وَقَرَأَ (مَساكِين) بِالْجَمْعِ هُنَا، أهل المدينة والشام، وآخرون عَلَى التَّوْحِيدِ، فَمَنْ جَمَعَ نَصَبَ النُّونَ، وَمَنْ وَحَّدَ خَفَضَ النُّونَ وَنَوَّنَهَا، وَالْفِدْيَةُ الْجَزَاءُ وَيَجِبُ أَنْ يُطْعِمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنَ الطَّعَامِ بِمُدّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم - وَهُوَ رَطْلٌ وَثُلُثٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ: عَلَيْهِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ لِكُلِّ يَوْمٍ يُفْطَرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نصف صاع من قمح أَوْ صَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: مَا كَانَ الْمُفْطِرُ يَتَقَوَّتُهُ يومَهُ الَّذِي أَفْطَرَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُعْطِي كُلَّ مِسْكِينٍ عشاءَهُ وسُحورَه، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: 184] أَيْ زَادَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَأَطْعَمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينَيْنِ فَأَكْثَرَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَقِيلَ: مَنْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَأَعْطَى صَاعًا وَعَلَيْهِ مُدّ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] فمن

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست