responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 65
القصاص، فخيّر الله هَذِهِ الْأُمَّةَ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَبَيْنَ الْعَفْوِ عَنِ الدِّيَةِ تَخْفِيفًا مِنْهُ وَرَحْمَةٌ، {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} [البقرة: 178] فَقَتَلَ الْجَانِيَ بَعْدَ الْعَفْوِ وَقَبُولِ الدية، {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178] وهو أَنْ يُقْتَلَ قِصَاصًا، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ حَتَّى لَا يقبل بعد العفو.
[179] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] أَيْ: بَقَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاصِدَ لِلْقَتْلِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا قَتَل يُقتل، يَمْتَنِعُ عَنِ الْقَتْلِ، فَيَكُونُ فِيهِ بَقَاؤُهُ وَبَقَاءُ مَنْ هَمَّ بِقَتْلِهِ، وَقِيلَ فِي الْمَثَلِ: الْقَتْلُ أَنْفَى لِلْقَتْلِ، وَقِيلَ مَعْنَى الْحَيَاةِ: سَلَامَتُهُ مِنْ قِصَاصِ الْآخِرَةِ، فإنه إذا اقتُص منه في الدنيا حيي فِي الْآخِرَةِ، وَإِذَا لَمْ يُقتص مِنْهُ فِي الدُّنْيَا اقتُص مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ، {يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] أَيْ تَنْتَهُونَ عَنِ الْقَتْلِ مَخَافَةَ القَود.
[180] قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 180] أَيْ: فُرض عَلَيْكُمْ، {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: 180] أي: جاء أَسْبَابُ الْمَوْتِ وَآثَارُهُ مِنَ الْعِلَلِ والأمراض، {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [الْبَقَرَةِ: 180] أَيْ: مَالًا، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} [الْبَقَرَةِ: 272] {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] كَانَتِ الْوَصِيَّةُ فَرِيضَةً فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَلَهُ مَالٌ، ثُمَّ نُسخت بآية الميراث قوله تعالى: {بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180] يُرِيدُ: يُوصِي بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَا يُوصي لِلْغَنِيِّ وَيَدَعُ الْفَقِيرَ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْوَصِيَّةُ لِلْأَخَلِّ فَالْأَخَلِّ، أَيِ: الْأَحْوَجِ فالأحوج {حَقًّا} [البقرة: 180] نُصب عَلَى الْمَصْدَرِ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ: جعلَ الوصيةَ حَقًّا، {عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] المؤمنين.

[قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ] عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. . .
[181] قوله تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ} [البقرة: 181] أي: غيّر الوصيةَ عن الْأَوْصِيَاءِ أَوِ الْأَوْلِيَاءِ أَوِ الشُّهُودِ، {بَعْدَمَا سَمِعَهُ} [البقرة: 181] أي: بعد ما سمع قول الموصي {فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} [البقرة: 181] والميتُ بَرِيءٌ مِنْهُ {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} [البقرة: 181] لِمَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي، {عَلِيمٌ} [البقرة: 181] بِتَبْدِيلِ المُبدِّل أَوْ سَمِيعٌ لِوَصِيَّتِهِ عليم بنيته.
[182] قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ} [البقرة: 182] أي علم {مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} [الْبَقَرَةِ: 182] أَيْ: جَورًا وَعُدُولًا عَنِ الْحَقِّ، والجنفُ: الميلُ، {أَوْ إِثْمًا} [البقرة: 182] أي: ظلمًا، وقال السُّدِّيُّ وَعِكْرِمَةُ وَالرَّبِيعُ: الجَنَفُ: الْخَطَأُ، والإثم: العمد، فأصلح بينهم، {فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 182] وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ قَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَضَرَ مَرِيضًا وَهُوَ يُوصي فَرَآهُ يَمِيلُ إِمَّا بِتَقْصِيرٍ أَوْ إِسْرَافٍ أَوْ وَضْعِ الْوَصِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، فَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْعَدْلِ وَيَنْهَاهُ عن الجنف، فينظر للموصَى له والورثة، وقال الآخرون: إِنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ إِذَا أَخْطَأَ الميتُ فِي وَصِيَّتِهِ أَوْ جَارَ مُتَعَمِّدًا فَلَا حَرَجَ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ وَالِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصلح بَعْدَ مَوْتِهِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ، وَيَرُدَّ الوصيةَ إِلَى الْعَدْلِ وَالْحَقِّ (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، أَيْ: لا حَرَجَ عَلَيْهِ، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182]
[183] قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] أي: فُرض وأُوجب الصوم، وَالصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ: الْإِمْسَاكُ، يُقال: صَامَ النَّهَارُ إِذَا اعْتَدَلَ وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، لِأَنَّ الشَّمْسَ إِذَا بلغت كبد السماء كأنها وقفت وأمسكت عن السير سريعة، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مَرْيَمَ: 26] أَيْ: صَمْتًا لِأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الْكَلَامِ، وَفِي الشَّرِيعَةِ: الصَّوْمُ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مَعَ النِّيَّةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ. {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] من الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا التَّشْبِيهِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبير: كَانَ صَوْمُ مَنْ قَبَلْنَا مِنَ الْعَتَمَةِ إِلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ، كَمَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَرَادَ أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى النَّصَارَى، كَمَا فُرض عَلَيْنَا، فَرُبَّمَا كَانَ يَقَعُ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي أَسْفَارِهِمْ وَيَضُرُّهُمْ فِي مَعَايِشِهِمْ، فَاجْتَمَعَ

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست