responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 514
الْأَوْلَادِ وَإِنْ سَفَلُوا بِمَنْزِلَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ نِسَائِهِمْ عَلَى آبَائِهِمْ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَطْءِ الزِّنَا: هَلْ يَقْتَضِي التحريم أو لَا؟ فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا أَصَابَ رَجُلٌ امْرَأَةً بِزِنًا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا زَنَا بِأُمِّهَا أَوْ بِابْنَتِهَا، وَحَسْبُهُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ مَنْ زَنَى بِهَا وَبِابْنَتِهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الزِّنَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ. حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَالصَّحِيحُ عَنْهُ: كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ. احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَبِقَوْلِهِ: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ وَالْمَوْطُوءَةُ بِالزِّنَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مِنْ نِسَائِهِمْ، وَلَا مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوِ ابْنَتَهَا، فَقَالَ: «لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» . وَاحْتَجَّ الْمُحَرِّمُونَ: بِمَا رُوِيَ فِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، فَنَسَبَ الِابْنُ نَفْسَهُ إِلَى أَبِيهِ مِنَ الزِّنَا، وَهَذَا احْتِجَاجٌ سَاقِطٌ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا» وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا مُطْلَقٌ مُقَيَّدٌ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ: عَلَى أَنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي اللِّوَاطِ هَلْ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا لَاطَ بِالصَّبِيِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: إِذَا تَلَوَّطَ بِابْنِ امْرَأَتِهِ أَوْ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا لَاطَ بِغُلَامٍ وَوُلِدَ لِلْمَفْجُورِ بِهِ بِنْتٌ لَمْ يَجُزْ لِلْفَاجِرِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ مَنْ قَدْ دَخَلَ بِهِ. وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِ هَؤُلَاءِ مِنَ الضَّعْفِ وَالسُّقُوطِ النَّازِلِ عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِينَ: بِأَنَّ وَطْءَ الْحَرَامِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بِدَرَجَاتٍ، لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ مَا تَمَسَّكَ بِهِ أُولَئِكَ مِنَ الشُّبَهِ، عَلَى مَا زَعَمَهُ هَؤُلَاءِ مِنِ اقْتِضَاءِ اللِّوَاطِ لِلتَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، فَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَطْفًا عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ السَّابِقَةِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ خَاصَّةٌ بِالْجَمْعِ فِي النِّكَاحِ، لَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ فَلَا حَقَّ بِالنِّكَاحِ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ جَمْعِهِمَا فِي عَقْدِ نكاح.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ: فَذَهَبَ كَافَّةُ العلماء: إلى أنه لا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِلْكِ فَقَطْ. وَقَدْ تَوَقَّفَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى أُخْتِ الْجَارِيَةِ الَّتِي تُوطَأُ بِالْمِلْكِ: فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذا وطئ جارية له بملك اليمين لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِلْكُ الْيَمِينِ لَا يَمْنَعُ نِكَاحَ الْأُخْتِ. وَقَدْ ذَهَبَتِ الظَّاهِرِيَّةُ: إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْوَطْءِ، كَمَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِلْكِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ: وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ عُثْمَانَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 514
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست