responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 347
سَئِمْتُ تَكَالِيفَ الْحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ ... ثَمَانِينَ حَوْلًا لَا أَبَا لَكَ يَسْأَمِ
أَيْ: لَا تَمَلُّوا أَنْ تَكْتُبُوهُ، أَيِ: الدَّيْنَ الَّذِي تَدَايَنْتُمْ بِهِ وَقِيلَ: الْحَقُّ وَقِيلَ: الشَّاهِدُ وَقِيلَ: الْكِتَابُ، نَهَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا مَلُّوا مِنْ كَثْرَةِ الْمُدَايَنَةِ أَنْ يَكْتُبُوا، ثُمَّ بَالَغَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: صَغِيراً أَوْ كَبِيراً أَيْ: حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، أَيْ: لَا تَمَلُّوا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَقِيلَ: إِنَّهُ كَنَّى بِالسَّآمَةِ عَنِ الْكَسَلِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَقَدَّمَ الصَّغِيرَ هُنَا عَلَى الْكَبِيرِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِدَفْعِ مَا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا مَالٌ صَغِيرٌ، أَيْ: قَلِيلٌ لَا احْتِيَاجَ إِلَى كَتْبِهِ، وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: ذلِكُمْ إِلَى الْمَكْتُوبِ الْمَذْكُورِ فِي ضَمِيرِ قَوْلِهِ: أَنْ تَكْتُبُوهُ وأَقْسَطُ مَعْنَاهُ: أَعْدَلُ، أَيْ: أَصَحُّ وَأَحْفَظُ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ أَيْ: أَعْوَنُ عَلَى إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، وَأَثْبَتُ لَهَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ مِنْ: أَقَامَ، وَكَذَلِكَ أَقْسَطُ مَبْنِيٌّ مِنْ فِعْلِهِ، أَيْ: أَقْسَطَ. وَقَدْ صَرَّحَ سِيبَوَيْهِ بِأَنَّهُ قِيَاسِيٌّ، أَيْ: بُنِيَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ. وَمَعْنَى قوله: وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا أَقْرَبُ لِنَفْيِ الرَّيْبِ فِي مُعَامَلَاتِكُمْ، أَيِ: الشَّكِّ، وَلِذَلِكَ أَنَّ الْكُتَّابَ الَّذِي يَكْتُبُونَهُ يَدْفَعُ مَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنَ الرَّيْبِ كَائِنًا مَا كَانَ. قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ قاله الأخفش، وكان تَامَّةٌ: أَيْ إِلَّا أَنْ تَقَعَ أَوْ تُوجَدَ تِجَارَةٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، أَيْ:
لَكِنَّ وَقْتَ تَبَايُعِكُمْ وَتِجَارَتُكُمْ حَاضِرَةٌ بِحُضُورِ الْبَدَلَيْنِ، تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ تَتَعَاطَوْنَهَا يَدًا بِيَدٍ، فَالْإِدَارَةُ:
التَّعَاطِي وَالتَّقَابُضُ، فَالْمُرَادُ: التَّبَايُعُ النَّاجِزُ يَدًا بِيَدٍ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ إِنْ تركتم كتابته. وقرئ: بنصب تجارة، على أن كل نَاقِصَةً، أَيْ: إِلَّا أَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ تِجَارَةً حَاضِرَةً. قَوْلُهُ: وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ قِيلَ مَعْنَاهُ: وأشهدوا إذا تبايعتم هذا التبايع المذكور هنا، وَهُوَ التِّجَارَةُ الْحَاضِرَةُ عَلَى أَنَّ الْإِشْهَادَ فِيهَا يَكْفِي وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: إِذَا تَبَايَعْتُمْ أَيَّ تَبَايُعٍ كَانَ حَاضِرًا أَوْ كَالِئًا [1] ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْفَعُ لِمَادَّةِ الْخِلَافِ وَأَقْطَعُ لِمَنْشَأِ الشِّجَارِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ هَذَا الْإِشْهَادِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا. قَوْلُهُ: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، أَوْ لِلْمَفْعُولِ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ: لَا يُضَارِرْ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ مِنْهُمَا، إِمَّا بِعَدَمِ الْإِجَابَةِ، أَوْ بِالتَّحْرِيفِ، وَالتَّبْدِيلِ، وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي كِتَابَتِهِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قِرَاءَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ: «وَلَا يُضَارِرْ» بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي: لَا يُضَارَرْ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ، بِأَنْ يُدْعَيَا إِلَى ذَلِكَ وَهُمَا مَشْغُولَانِ بِمُهِمٍّ لَهُمَا، وَيُضَيَّقَ عَلَيْهِمَا فِي الْإِجَابَةِ، وَيُؤْذَيَا إِنْ حَصَلَ مِنْهُمَا التَّرَاخِي، أَوْ يُطْلَبَ مِنْهُمَا الْحُضُورُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ:
«وَلَا يُضَارَرْ» بِفَتْحِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها [2] مَا إِذَا رَاجَعْتَهُ زَادَكَ بَصِيرَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفْعَلُوا أَيْ:
مَا نُهِيتُمْ عَنْهُ مِنَ الْمُضَارَّةِ فَإِنَّهُ أَيْ: فِعْلُكُمْ هَذَا فُسُوقٌ بِكُمْ أَيْ: خُرُوجٌ عَنِ الطَّاعَةِ إِلَى المعصية،

[1] ورد في الحديث أنه صلّى الله عليه وسلم: نهى عن الكالئ بالكالئ. أي: النسيئة بالنسيئة، وذلك أن يشتري الرجل شيئا إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به، فيقول: بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء، فيبيعه منه، ولا يجري بينهما تقابض.
[النهاية 4/ 194] . [.....]
[2] البقرة: 233.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست