responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 236
الْإِجْمَاعِ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ:
أَيَّامُ النَّحْرِ، قَالَ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ [1] وَحَكَى الْكَرْخِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ: أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ، يَوْمُ الْأَضْحَى، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ. قَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ، لِأَنَّ الْمَعْدُودَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ بِلَا خِلَافٍ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ وَالْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ:
يَوْمُ النَّحْرِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، فَيَوْمُ النَّحْرِ: مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ، وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ: مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ، وَالْيَوْمُ الرَّابِعُ: مَعْدُودٌ لَا مَعْلُومٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَالْمُخَاطَبُ بِهَذَا الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، أَعْنِي: قَوْلَهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ هُوَ الْحَاجُّ وَغَيْرُهُ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِالْحَاجِّ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَقْتِهِ، فَقِيلَ: مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقِيلَ: مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ النَّحْرِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقِيلَ: مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: فَمَنْ تَعَجَّلَ الْآيَةَ، الْيَوْمَانِ هُمَا: يَوْمُ ثَانِي النَّحْرِ وَيَوْمُ ثَالِثِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالنَّخَعِيُّ: مَنْ رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ تَأَخَّرَ إِلَى الثَّالِثِ فَلَا حَرَجَ فَمَعْنَى الْآيَةِ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِهَذَا التَّقْسِيمِ اهْتِمَامًا وَتَأْكِيدًا، لأن من العرب مَنْ كَانَ يَذُمُّ التَّأَخُّرَ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ رَافِعَةً لِلْجُنَاحِ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ تَعَجَّلَ فَقَدْ غُفِرَ لَهُ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَقَدْ غُفِرَ لَهُ، وَالْآيَةُ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ التَّعَجُّلَ وَالتَّأَخُّرَ مُبَاحَانِ. وَقَوْلُهُ: لِمَنِ اتَّقى مَعْنَاهُ أَنَّ التَّخْيِيرَ وَرَفْعَ الْإِثْمِ ثَابِتٌ لِمَنِ اتَّقَى، لِأَنَّ صَاحِبَ التَّقْوَى يَتَحَرَّزُ عَنْ كُلِّ مَا يُرِيبُهُ، فَكَانَ أَحَقَّ بِتَخْصِيصِهِ بِهَذَا الْحُكْمِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: التَّقْدِيرُ ذَلِكَ لِمَنِ اتَّقَى وَقِيلَ: لِمَنِ اتَّقَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْحَجِّ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَقِيلَ: لِمَنِ اتَّقَى قَتْلَ الصَّيْدِ، وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ: السَّلَامَةُ لِمَنِ اتَّقَى وَقِيلَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّكْرِ، أَيِ: الذِّكْرُ لِمَنِ اتَّقَى.
لِأَنَّ صَاحِبَ التَّقْوَى يَتَحَرَّزُ عَنْ كُلِّ مَا يُرِيبُهُ، فَكَانَ أَحَقَّ بِتَخْصِيصِهِ بِهَذَا الْحُكْمِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: التَّقْدِيرُ ذَلِكَ لِمَنِ اتَّقَى وَقِيلَ: لِمَنِ اتَّقَى بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْحَجِّ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَقِيلَ: لِمَنِ اتَّقَى قَتْلَ الصَّيْدِ، وَقِيلَ:
مَعْنَاهُ: السَّلَامَةُ لِمَنِ اتَّقَى وَقِيلَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّكْرِ، أَيِ: الذِّكْرُ لِمَنِ اتَّقَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ بِدِينِهَا يَقِفُونَ بالمزدلفة، وكانوا يسمون: الحمس، وكانت سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يَفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْهَا مَوْقُوفًا نَحْوَهُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى رِوَايَاتٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي الْمَلَائِكَةِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: عِبَادِي آمَنُوا بِوَعْدِي، وَصَدَّقُوا بِرُسُلِي مَا جَزَاؤُهُمْ؟ فَيُقَالُ: أَنْ تَغْفِرَ لَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الْمَغْفِرَةِ لِأَهْلِ عَرَفَةَ، وَنُزُولِ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِمْ، وَإِجَابَةِ دُعَائِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ قَالَ: حَجَّكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ قال: إهراق الدماء

[1] الحج: 28.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست