responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 512
التَّوْحِيدِ بِرُمَّتِهَا هُنَا، وَلَعَلَّنَا نُجِدُّ لَهَا مُنَاسَبَةً فِي جُزْءٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَتْ أَضْعَفَ مِنْ مُنَاسَبَةِ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَحْثُ تَفْسِيرًا لَهَا.
(قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدَى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا) هَذَا رَدٌّ عَلَى مُنْكِرِي الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ لَقَّنَهُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِثْرِ بَيَانِ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ شُئُونِهِ تَعَالَى وَمُقْتَضَى صِفَاتِهِ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِ الْبَشَرِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو " تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ " بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا إِخْبَارٌ عَنِ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، وَقَرَأَهَا الْآخَرُونَ " تَجْعَلُونَهُ " إِلَخْ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ. وَبِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَةِ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نُزُولِ السُّورَةِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ عَدَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِمَّا اسْتُثْنِيَ مِنْ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ كُلِّهَا
دُفْعَةً وَاحِدَةً بِمَكَّةَ، وَزَعَمُوا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ بَعْضِ الْيَهُودِ فِي الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ ظَاهِرَ مَعْنَى الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الِاحْتِجَاجَ إِنَّمَا يَقُومُ عَلَى الْيَهُودِ دُونَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِسَائِرِ السُّورَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ يَا مُحَمَّدُ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ كِتَابًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: وَاللهِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ كِتَابًا. وَعَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: قَالَ فِنُحَاصُ الْيَهُودِيُّ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنْ شَيْءٍ - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: أَمَرَ اللهُ مُحَمَّدًا أَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ أَمْرِهِ وَكَيْفَ يَجِدُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ فَحَمَلَهُمْ حَسَدُهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُرُوا بِكِتَابِ اللهِ وَرُسُلِهِ. فَقَالُوا: مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ - فَأَنْزَلَ اللهُ " وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ " الْآيَةَ. وَرَوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَكَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَلَمْ يَذْكُرَا اسْمًا وَلَا قِصَّةً، وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْكَلِمَةَ فِي قِصَّةٍ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهَا فِي الْعَرَبِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، فَإِنَّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ صَوَّبَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ فِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ عَنْهُ وَلَمْ يَجْرِ لِلْيَهُودِ ذِكْرٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَبِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْ نُزُولِهَا فِيهِمْ خَبَرٌ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ، وَبِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ دِينِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ الْوَحْيَ بَلْ يُقِرُّونَ بِنُزُولِهِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَدَاوُدَ.
(قَالَ) : فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَصْرِفَ الْآيَةَ عَمَّا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ إِلَى آخِرِهَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ مِنْ خَبَرٍ صَحِيحٍ أَوْ عَقْلٍ. وَذَكَرَ أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ تَأَوَّلُوا بِذَلِكَ قِرَاءَةَ الْأَفْعَالِ فِيهَا بِالْخِطَابِ " تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ " إِلَخْ وَقَالَ إِنَّ الْأَصْوَبَ قِرَاءَةُ " يَجْعَلُونَهُ " إِلَخْ. عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْيَهُودَ يَجْعَلُونَهُ فَهُوَ حِكَايَةٌ عَنْهُمْ ذُكِرَتْ فِي خِطَابِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَرَجَّحَ أَنَّ هَذَا مُرَادَ مُجَاهِدٍ. وَلَكِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الِاحْتِجَاجِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَلَا وَجْهَ تَخْرِيجِ قِرَاءَةِ الْخِطَابِ الَّتِي قَرَأَ بِهَا أَكْثَرُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 512
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست