responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 47
الْإِسْكَارِ وَهُوَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ؟ إِلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ يَفْهَمُ الْعَرَبِيَّةَ وَإِنْ كَانَ يُجِيزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ مَا لَا يُجِيزُهُ الْحَنَفِيَّةُ.
أَطَلْنَا هَذِهِ الْإِطَالَةَ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ فِي النَّاسِ مِنْ عَهْدٍ بَعِيدٍ مِصْدَاقُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنِ اسْتِحْلَالِ أُنَاسٍ لِشُرْبِ الْخَمْرِ بِتَسْمِيَتِهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، وَقَدِ اخْتَرَعَ النَّاسُ بَعْدَ زَمَنِ التَّنْزِيلِ أَنْوَاعًا كَثِيرَةً مِنَ الْخُمُورِ أَشَدَّ مِنْ خَمْرِ الْعِنَبِ ضَرَرًا فِي الْجِسْمِ وَالْعَقْلِ بِاتِّفَاقِ الْأَطِبَّاءِ، وَأَشَدَّ إِيقَاعًا فِي الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَصَدًّا عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِنْهَا قَطْعًا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْرُمُ الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ مِنْهُ فَقَطْ يُجَرِّئُ النَّاسَ عَلَى شُرْبِ الْقَلِيلِ مِنْ تِلْكَ السُّمُومِ الْمُهْلِكَةِ، وَالْقَلِيلُ يَدْعُو إِلَى الْكَثِيرِ، فَالْإِدْمَانِ فَالْإِهْلَاكِ، فَفِي هَذَا الْقَوْلِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَيْسَ فِي تَضْعِيفِهِ وَتَرْجِيحِ قَوْلِ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِ إِلَّا الْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ وَسَدُّ ذَرَائِعِ شُرُورٍ كَثِيرَةٍ.
وَأَمَّا الْمَيْسِرُ فَهُوَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الْقِمَارُ بِالْقِدَاحِ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا نَقَلَ لِسَانُ الْعَرَبِ عَنْ عَطَاءٍ ثُمَّ غَلَبَ فِي كُلِّ مُقَامَرَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْأَقْوَالَ فِي اشْتِقَاقِهِ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ (ص 258 وَمَا بَعْدَهَا ج2ط الْهَيْئَةِ) وَبَيَّنَّا هُنَالِكَ مَعْنَى الْقِدَاحِ الَّتِي كَانُوا يَتَقَامَرُونَ بِهَا وَهِيَ
الْأَزْلَامُ وَالْأَقْلَامُ وَالسِّهَامُ، وَلِذَلِكَ عُدْنَا إِلَى بَيَانِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِدَاحِ الْعَشْرِ الَّتِي يَتَقَامَرُونَ بِهَا وَبَيْنَ مَا كَانُوا يَسْتَقْسِمُونَ بِهِ لِلتَّفَاؤُلِ وَالتَّشَاؤُمِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ (ص 122 وَمَا بَعْدَهَا ج6ط الْهَيْئَةِ) .
كُلُّ قِمَارٍ مَيْسِرٌ مُحَرَّمٌ بِالنَّصِّ إِلَّا مَا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ مِنَ الْمُرَاهَنَةِ فِي السِّبَاقِ وَالرِّمَايَةِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ: الشِّطْرَنْجُ مِنَ الْمَيْسِرِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ورُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ أَوِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ قَالُوا: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْقِمَارِ فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ حَتَّى لَعِبُ الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ، وَرُوِيَ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَا: " حَتَّى الْكِعَابُ وَالْجَوْزُ وَالْبَيْضُ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: الْمَيْسِرُ هُوَ الْقِمَارُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْمَيْسِرُ هُوَ الْقِمَارُ، كَانُوا يَتَقَامَرُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى مَجِيءِ الْإِسْلَامِ فَنَهَاهُمُ اللهُ عَنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْقَبِيحَةِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: كَانَ مَيْسِرُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ (أَيْ مِنْ مَيْسِرِهِمْ) ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ " اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْكِعَابَ الْمَرْسُومَةَ الَّتِي يُزْجَرُ بِهَا زَجْرًا فَإِنَّهَا مِنَ الْمَيْسِرِ " وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفَسَّرَ الْكِعَابَ بِالنَّرْدِ، وَأَقُولُ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست