responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 45
وَلِأَجْلِهِ تَرَكَهَا بَعْضُهُمْ وَتَفَصَّى مِنْهُ آخَرُونَ بِتَخْصِيصِ الْإِثْمِ بِمَا كَانَ ضَرَرًا مَحْضًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَالنَّصُّ قَدْ أَثْبَتَ أَنَّ فِي الْخَمْرِ مَنَافِعَ، وَقَدْ أَهْرَقُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْخَمْرِ عِنْدَ الْجَزْمِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا كَمَا رَأَيْتَ وَكَمَا تَرَى بَعْدُ، وَقَلَّمَا كَانَ يُوجَدُ عِنْدَهُمْ مِنْ خَمْرِ الْعِنَبِ شَيْءٌ، فَلَوْ كَانَ مُسَمَّى الْخَمْرِ فِي لُغَتِهِمْ مَا كَانَ سُكْرًا مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ فَقَطْ لَمَا بَادَرُوا إِلَى إِهْرَاقِ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَإِنَّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ، مَا فِيهَا مِنْ شَرَابِ الْعِنَبِ شَيْءٌ " وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَسُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ وَنَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ (هو زَوْجُ أُمِّ أَنَسٍ) حَتَّى كَادَ الشَّرَابُ يَأْخُذُ مِنْهُمْ فَأَتَى آتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: أَمَا شَعَرْتُمْ أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ؟ فَقَالُوا: حَتَّى نَنْظُرَ وَنَسْأَلَ، فَقَالُوا: يَا أَنَسُ اسْكُبْ مَا بَقِيَ فِي إِنَائِكَ، فَوَاللهِ مَا عَادُوا فِيهَا، وَمَا هِيَ إِلَّا التَّمْرُ وَالْبُسْرُ، وَهِيَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ " هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ، وَزَادَ أَنَسٌ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " أَبَا دُجَانَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ " وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ: " أَنَّهُ كَانَ يَسْقِيهِمُ الْفَضِيخَ، وَهُوَ شَرَابُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ يُفْضَخَانِ أَيْ يُشْدَخَانِ وَيُنْبَذَانِ فِي الْمَاءِ، فَإِذَا اشْتَدَّ وَاخْتَمَرَ كَانَ خَمْرًا وَكَانَ هَذَا أَكْثَرَ خَمْرِ الْمَدِينَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَنَسٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْهُ " كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ وَمَا شَرَابُهُمْ إِلَّا الْفَضِيخَ - الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ - فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي، فَقَالَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَهَرَقْتُهَا " الْحَدِيثَ.
نَعَمْ قَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَالْمُسْكِرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ " وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَانْقِطَاعِهِ وَفِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ،
وَبَيَّنَ النَّسَائِيُّ عِلَلَهُ وَمَنْ خَالَفَ فِيهِ، وَمَعْنَاهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ أَنَّ الْأَشْرِبَةَ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ يُسْكِرَ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا مُحَرَّمَةٌ لِذَاتِهَا بِالنَّصِّ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الْعِنَبِ أَوِ الزَّبِيبِ أَوِ التَّمْرِ أَوِ الْبُسْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا سَائِرُ الْأَشْرِبَةِ الَّتِي لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا الْإِسْكَارُ كَالنَّبِيذِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ وَلَمْ يُخَمَّرْ، وَهُوَ مَا يُنْبَذُ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فِي الْمَاءِ حَتَّى يَنْضَحَ وَيَحْلُوَ مَاؤُهُ فَشُرْبُهُ حَلَالٌ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى حَدِّ الْإِسْكَارِ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَنْبِذَةَ يُسْرِعُ إِلَيْهَا الِاخْتِمَارُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَالْحَارَّةِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست