responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 435
عَلَى الِاسْتِمْرَارِ، فَلَوْلَا رُسُوخُهُمْ فِي الْكُفْرِ الَّذِي أَفْسَدَ فِطْرَتَهُمْ حَتَّى أَصَرُّوا عَلَيْهِ إِصْرَارًا دَائِمًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمُ اسْتِعْدَادٌ لِلْحَقِّ وَالْخَيْرِ - لَمَا كَانَ مُجَرَّدُ كَسْبِ بَعْضِ السَّيِّئَاتِ الْمُنْقَطِعَةِ يَنْهَضُ سَبَبًا لِهَلَاكِهِمْ وَوُقُوعِهِمْ فِي هَذَا الْعَذَابِ كُلِّهِ. وَفِي الْآيَةِ أَكْبَرُ الْعِبَرِ لِمَنْ يَفْقَهُ
الْكَلَامَ، وَلَا يَغْتَرُّ بِلَقَبِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّمَا الْمُسْلِمُ مَنِ اتَّخَذَ إِمَامَهُ الْقُرْآنَ وَسُنَّةَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، لَا مَنِ اغْتَرَّ بِالْأَمَانِ وَالْأَوْهَامِ، وَانْخَدَعَ بِالرُّؤَى وَالْأَحْلَامِ.
(قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) .
ضَرَبَ اللهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ مَثَلًا يَتَّضِحُ لِمَنْ عَقَلَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَا تَقَرَّرَ فِيهَا وَفِي الْآيَاتِ قَبْلَهَا مِنْ بَيِّنَاتِ التَّوْحِيدِ وَدَلَائِلِهِ، وَيُظْهِرُ لَهُمْ سُوءَ حَالِهِمْ وَقُبْحَ مَآلِهِمْ فِي شِرْكِهِمْ، وَيُعَلِّلُ لَهُمْ مَا بُدِئَ بِهِ سِيَاقُ الْآيَاتِ الْأَخِيرَةِ فِيهِ - أَيِ التَّوْحِيدِ - مِنَ النَّهْيِ عَنْ دُعَاءِ غَيْرِ اللهِ وَعَنِ اتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ، وَيَشْرَحُ لَهُمْ مَفْهُومَهُ، وَيُفَصِّلُ لَهُمْ مَضْمُونَهُ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مُقَابِلَهُ. وَأَعْنِي بِهَذَا السِّيَاقِ مَا فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) (40: 66) إِلَخْ. وَحَيِّزُ قَوْلِهِ: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (63) وَمَا يَلِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ بِعَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَخَتَمَ الْآيَةَ بِالْأَمْرِ بِالْإِسْلَامِ الْمُقَابِلِ لِطَرِيقِ الضَّلَالِ وَالْهَوَى، وَبَدَأَ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ بِبَيَانِ أَعْظَمِ أَعْمَالِ طَرِيقِ الْهُدَى، وَالْآيَةُ الثَّالِثَةُ فِي التَّذْكِيرِ بِدَلَائِلِ ذَلِكَ، وَعَاقِبَتِهِ، وَصِدْقِ وَعِيدِهِ تَعَالَى، وَكَمَالِ عِلْمِهِ، وَحِكْمَتِهِ فِيهِ، قَالَ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 435
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست