responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 418
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (88: 21، 22) (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) (50: 45) (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (2: 272) وَرَاجِعْ تَفْسِيرَ (6: 48) وَقِيلَ: الْوَكِيلُ الْحَفِيظُ الْمُجَازِيُّ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ بِآيَةِ الْقِتَالِ، وَتَمَسَّكَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ الْمُغْرَمِينَ بِتَكْثِيرِ الْآيَاتِ الْمَنْسُوخَةِ، قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَهُوَ فِي قَوْلِهِ الْمُصِيبُ، فَإِنَّ الْأَذَى بِالْقِتَالِ لِلدِّفَاعِ عَنِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ
وَحِمَايَةِ الدَّعْوَةِ وَالْبَيْضَةِ لَمْ يُخْرِجِ الرَّسُولَ عَنْ كَوْنِهِ رَسُولًا، أَيْ عَبْدًا لِلَّهِ مُبَلِّغًا عَنْهُ، لَا شَرِيكًا لَهُ وَلَا وَكِيلًا، وَمَا أَرَى الرِّوَايَةَ تَصِحُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ الْوَجْهُ فِي مُرَادِهِ مِنْهُ أَنَّ آيَةَ الْقِتَالِ أَزَالَتْ مَا كَانَ مِنْ لَوَازِمِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ إِرْشَادِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى السُّكُوتِ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ لِمَا جَاءَ بِهِ، ذَلِكَ التَّكْذِيبُ الْقَوْلِيُّ الْعَمَلِيُّ الَّذِي أَبْرَزُوهُ بِالصَّدِّ عَنْهُ، وَمَنْعِهِ مِنْ تَبْلِيغِ دَعْوَةِ رَبِّهِ، وَإِيذَائِهِ وَإِيذَاءِ مَنْ آمَنَ بِهِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُرِيدُونَ مِنَ النَّسْخِ مَعْنًى أَعَمَّ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرَهُ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ، وَهُوَ الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ، وَمِنْ هُنَا قَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَفْسِيرِ الْعِبَارَةِ: أَيْ أَنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِحَرْبِكُمْ وَمَنْعِكُمْ عَنِ التَّكْذِيبِ. انْتَهَى. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا قَالَ كَثِيرُونَ بِنَسْخِ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّبْرِ وَالْعَفْوِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَهِيَ هِيَ الْفَضَائِلُ الَّتِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَحَلِّيًا بِهَا طُولَ عُمُرِهِ مَعَ وَضْعِهِ كُلَّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ.
وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيْفِ فِي الْعُلَا ... مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى.
(لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) هَذَا تَمَامُ مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَهُ لِقَوْمِهِ الْمُكَذِّبِينَ، وَالنَّبَأُ: الْخَبَرُ كَمَا قِيلَ، أَوِ الْخَبَرُ الَّذِي لَهُ شَأْنٌ يَهْتَمُّ بِهِ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: خَبَرٌ ذُو فَائِدَةٍ عَظِيمَةٍ يَحْصُلُ بِهِ عِلْمٌ أَوْ غَلَبَةُ ظَنٍّ، وَلَا يُقَالُ لِلْخَبَرِ نَبَأٌ حَتَّى يَتَضَمَّنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الثَّلَاثَةَ. انْتَهَى. وَيُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ أَوْ مَدْلُولُهُ الَّذِي يَقَعُ مُصَدِّقًا لَهُ، وَالْمُسْتَقَرُّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ وَهُوَ الثَّبَاتُ الَّذِي لَا تَحَوُّلَ فِيهِ، وَاسْمُ زَمَانٍ وَمَكَانٍ لَهُ، وَإِرَادَةُ الزَّمَانِ هُنَا أَظْهَرَ، وَيَسْتَلْزِمُ غَيْرَهُ مَعَهُ. وَالْمَعْنَى: لِكُلِّ شَيْءٍ يُنَبَّأُ عَنْهُ مُسْتَقَرٌّ تَظْهَرُ فِيهِ حَقِيقَتُهُ، وَيَتَمَيَّزُ حَقُّهُ مِنْ بَاطِلِهِ، فَلَا يَبْقَى مَجَالٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مُسْتَقَرَّ مَا أَنْبَأَ بِهِ الْقُرْآنُ الَّذِي كَذَّبْتُمْ بِهِ مِنْ وَعْدٍ وَوَعِيدٍ، أَوْ لِكُلِّ نَبَأٍ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرْآنِ الْحَقِّ الَّذِي كَذَّبُوا بِهِ زَمَانٌ يَحْصُلُ فِيهِ مَضْمُونُهُ، فَيَكُونُ قَارًّا ثَابِتًا فِيهِ. وَمِنْ هَذِهِ الْأَنْبَاءِ مَا وَعَدَ اللهُ الرَّسُولَ، مِنْ نَصْرِهِ عَلَيْهِمْ وَمَا أَوْعَدَهُمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (39: 25، 26)

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست