responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 392
وَفِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لِعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (43: 1 - 4) وَفِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (21: 105) وَرَدَ الذِّكْرُ كَثِيرًا بِمَعْنَى الْقُرْآنِ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِ بَيَانِهِ وَغَيْرِهِ، وَفِي سُورَةِ الْقَمَرِ (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) (54: 52، 53) وَفِي سُورَةِ الْبُرُوجِ (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (85: 21، 22) جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلَّهَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ فَسَّرَتْهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي نُورِدُ أَشْهَرَهَا:
رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - مَرْفُوعًا - وَغَيْرِهِ " لَمَّا قَضَى اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي " وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا " كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ " هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ. وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ بِلَفْظِ " وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ " وَفِيهَا " ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ " وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا " إِنَّ اللهَ كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ - قَالَ - وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " قَالَ شُرَّاحُ الْبُخَارِيِّ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَانَ اللهُ " إِلَخْ - إِنَّ الْمُرَادَ بِ " كَانَ " فِي الْأَوَّلِ: الْأَزَلِيَّةُ، وَفِي الثَّانِي: الْحُدُوثُ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ وَالْمَاءَ كَانَا مَبْدَأَ هَذَا الْعَالَمِ، أَيْ عَالِمِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَأَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنَّ الْمَاءَ أَصْلُ مَادَّتِهِ، وَالْعَرْشَ مَرْكَزُ التَّقْدِيرِ وَالتَّدْبِيرِ لَهُ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى بَيَّنَ لَنَا فِي سُورَةِ (حم فُصِّلَتْ) أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ الْأَرْضَ مِنْ دُخَانٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ فِي حَالَتِهِ الْبُخَارِيَّةِ يَكُونُ دُخَانًا، أَوْ أَنَّ تِلْكَ الْمَادَّةَ الدُّخَانِيَّةَ مُعْظَمُهَا بُخَارٌ مَائِيٌّ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوعًا " أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمُ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ، فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " وَرَوَاهُ غَيْرُهُمَا عَنْ غَيْرِهِ بِمَعْنَاهُ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ أَوَّلِيَّةَ خَلْقِ الْقَلَمِ نِسْبِيَّةٌ، وَالْعَرْشُ
خُلِقَ قَبْلَهُ، وَكَذَا الْمَاءُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ الْأَوَّلُ، وَكَذَا اللَّوْحُ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ. وَلَمْ يَرِدْ فِي خَلْقِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ، بَلْ وَرَدَ فِيهِ آثَارٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ.
فَلِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالْأَثَرِ اتَّفَقَ عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَلَى تَفْسِيرِ الْكِتَابِ الْمُبِينِ وَالْإِمَامِ الْمُبِينِ، وَأُمِّ الْكِتَابِ، وَالذِّكْرِ فِي الْآيَاتِ الَّتِي سَرَدْنَاهَا بِذَلِكَ الْكِتَابِ الْمُسَمَّى بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَمِنَ التَّكَلُّفِ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْعِلْمُ الْإِلَهِيُّ كَمَا قَالَ الرَّازِيُّ هُنَا، وَمَذْهَبُ السَّلَفِ أَنْ نُؤْمِنَ بِالْقَلَمِ الْإِلَهِيِّ وَاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَمَا كَتَبَ الْقَلَمُ فِي اللَّوْحِ مِنْ مَقَادِيرِ الْخَلْقِ وَإِحْصَائِهِ جَمِيعَ مَا كَانَ وَيَكُونُ فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنْ بَدْءِ تَكْوِينِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نُحَكِّمَ آرَاءَنَا وَأَقْيِسَتَنَا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 392
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست