responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 347
وَالْآيَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْبَأْسَاءَ وَالضَّرَّاءَ، وَمَا يُقَابِلُهُمَا مِنَ السَّرَّاءِ وَالنَّعْمَاءِ مِمَّا يَتَرَبَّى وَيَتَهَذَّبُ بِهِ الْمُوَفَّقُونَ مِنَ النَّاسِ، وَإِلَّا كَانَتِ النِّعَمُ أَشَدَّ وَبَالًا عَلَيْهِمْ مِنَ النِّقَمِ وَهَذَا ثَابِتٌ بِالِاخْتِبَارِ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشَّدَائِدَ مُصْلِحَةٌ لِلْفَسَادِ، وَأَجْدَرُ النَّاسِ بِالِاسْتِفَادَةِ مِنَ
الْحَوَادِثِ الْمُؤْمِنُ، كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ صُهَيْبٍ مَرْفُوعًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ اسْتِفَادَةِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الشَّدَائِدِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي شَأْنِ غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْ " سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ "، وَهَاكَ بَعْضُ مَا رَوَوْهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ:
" قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَنْ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَمْكُرُ بِهِ فَلَا رَأْيَ لَهُ، وَمَنْ قَتَّرَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ فَلَا رَأْيَ لَهُ. ثُمَّ قَرَأَ: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ) الْآيَةَ. قَالَ الْحَسَنُ: مُكِرَ بِالْقَوْمِ وَرَبَّ الْكَعْبَةِ، أُعْطُوا حَاجَتَهُمْ ثُمَّ أُخِذُوا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ. بَغَتَ الْقَوْمَ أَمْرُ اللهِ، مَا أَخَذَ اللهُ قَوْمًا قَطُّ إِلَّا عِنْدَ سَكْرَتِهِمْ وَغِرَّتِهِمْ وَنِعْمَتِهِمْ، فَلَا تَغْتَرُّوا بِاللهِ، فَإِنَّهُ لَا يَغْتَرُّ بِاللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا. وَقَالَ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ (فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ) قَالَ: رَخَاءَ الدُّنْيَا وَسَتْرَهَا.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمَهْرِيُّ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ " ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ) الْآيَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ حَرْمَلَةَ وَابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثْنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عِرَاكُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: " إِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ اقْتِطَاعًا فَتَحَ لَهُمْ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِمْ بَابَ خِيَانَةٍ (حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) " كَمَا قَالَ: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. اهـ.
وَسَيُعَادُ هَذَا الْبَحْثُ فِي تَفْسِيرِ " سُورَةِ الْأَعْرَافِ 7: 94 " وَمَا يَلِيهَا مِنْ آيَاتٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ النَّحْوِيَّةِ أَنَّ " إِذَا " مِنْ قَوْلِهِ: (فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْفُجَائِيَّةَ لِإِفَادَتِهَا تَرَتُّبُ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا فَجْأَةً، وَهِيَ حَرْفٌ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَظَرْفُ زَمَانٍ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست