responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 341
رَفْعٍ، وَالْكَافُ حَرْفُ خِطَابٍ أُكِّدَ بِهِ الضَّمِيرُ لَا مَحَلَّ لَهُ، وَتَتَغَيَّرُ حَرَكَتُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُخَاطَبِ دُونَ التَّاءِ؛ فَتَظَلُّ مَفْتُوحَةً فِي الْمُؤَنَّثِ وَالْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ، وَقَدْ أَطَالُوا الْقَوْلَ فِي الْمَذَاهِبِ وَالْآرَاءِ فِي إِعْرَابِهِ وَمَعْنَاهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَبَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ. وَأَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ (أَرَأَيْتَكُمْ) فِي خِطَابِ الْجَمْعِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ لَمْ تُذْكَرْ إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ بِضْعِ آيَاتٍ، وَذُكِرَتْ فِي خِطَابِ الْمُفْرَدِ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ " سُورَةِ الْإِسْرَاءِ ": (أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) (17: 62) إِلَخْ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اسْتِفْهَامٌ فِي الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَلَكِنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَدَّرُوا فِيهَا اسْتِفْهَامًا مَحْذُوفًا. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ كَغَيْرِهِ: وَالْمَعْنَى: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ بِأَمْرِي بِالسُّجُودِ لَهُ، لِمَ كَرَّمْتَهُ عَلَيَّ؟ وَجَعَلَ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: (لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (17: 62) إِلَخْ كَلَامًا مُبْتَدَأً.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَ " أَرَأَيْتَ " وَ " أَرَأَيْتُمْ " - بِدُونِ كَافٍ - مِثْلَ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ فِي أَكْثَرِ مِنْ عِشْرِينَ آيَةً أَكْثَرُهَا قَدْ صَرَّحَ فِيهِ بَعْدَهَا بِالِاسْتِفْهَامِ، فَمِنْهُ فِي جُمْلَةٍ غَيْرِ شَرْطِيَّةٍ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتِ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) (25: 43) وَقَوْلُهُ: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) (46: 4) وَمِثْلُهَا الْآيَاتُ الَّتِي فِي " سُورَةِ الْوَاقِعَةِ ". وَمِنْهُ فِي الْجُمَلِ الشَّرْطِيَّةِ (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ
سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) (26: 205 - 207) وَمِثْلُهَا الْآيَاتُ الَّتِي فِي آخِرِ " سُورَةِ الْعَلَقِ " وَالْآيَاتُ الَّتِي فِي آخِرِ " سُورَةِ الْمُلْكِ ". فَمَنْ تَأَمَّلَ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلَّهَا لَا يَظْهَرُ لَهُ فِيهَا مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهَا أَخْبِرْنِي وَأَخْبِرُونِي إِلَّا بِمَا يَأْتِي مِنَ التَّوْجِيهِ. قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ فِي (أَرَأَيْتَكُمْ) : اسْتِفْهَامٌ وَتَعْجِيبٌ. وَقَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ إِلَى عِدَّةِ آيَاتٍ مُصَدَّرَةٍ بِهَذَا اللَّفْظِ: كُلُّ ذَلِكَ فِيهِ مَعْنَى التَّنْبِيهِ. وَقَدْ سَدَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَقَارَبَ. وَالَّذِي أَرَاهُ جَامِعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ أَنَّ (أَرَأَيْتَكُمْ) وَ (أَرَأَيْتُمْ) اسْتِفْهَامٌ عَنِ الرَّأْيِ أَوْ عَنِ الرُّؤْيَةِ الَّتِي بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ فِي هَذَا الِاسْتِعْمَالِ لِلتَّقْرِيرِ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ التَّنْبِيهَ وَالتَّمْهِيدَ لِمَا يُذْكَرُ بَعْدَهُ مِنْ نَبَأٍ غَرِيبٍ أَوْ عَجِيبٍ، أَوِ اسْتِفْهَامٍ تَقُومُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْحُجَّةُ، وَتُدْحَضُ الشُّبْهَةُ، وَلَوْلَا أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لِلتَّقْرِيرِ لَمَا كَانَ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ بِمَعْنَى طَلَبِ الْإِخْبَارِ وَجْهٌ وَجِيهٌ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ لِ " أَرَأَيْتَ " أَوْ " أَرَأَيْتُمُ " الَّتِي تَتْلُوهَا الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مَحْذُوفٌ يُفْهَمُ مِنْ مَضْمُونِهَا وَيُقَدَّرُ بِحَسَبِ الْمَقَامِ، وَقَدْ تَسُدُّ الْجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ.
وَالْمَعْنَى: قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ: أَرَأَيْتُمْ أَنْفُسَكُمْ كَيْفَ تَكُونُ حَالُكُمْ مَعَ مَنْ تَعْبُدُونَ - أَوْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ - أَيْ أَخْبِرُونِي عَنْ رَأْيِكُمْ أَوْ عَنْ مَبْلَغِ عِلْمِكُمْ، فِي ذَلِكَ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ الَّذِي نَزَلَ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَقْوَالِ الرُّسُلِ قَبْلَكُمْ، كَالرِّيحِ الصَّرْصَرِ الْعَاتِيَةِ وَالصَّاعِقَةِ أَوِ الرَّجْفَةِ الْقَاضِيَةِ، وَمِيَاهِ الطُّوفَانِ الْمُغْرِقَةِ، وَحَرَارَةِ الظُّلَّةِ الْمُحْرِقَةِ، أَوْ أَتَتْكُمْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 341
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست