responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 326
لِأَنَّ إِظْهَارَهَا يُخِلُّ بِمَصَالِحِ الْمُكَلَّفِينَ، فَهَذَا هُوَ وَجْهُ النَّظْمِ وَالْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.
(الْوَجْهُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ النَّظْمِ) : قَالَ الْقَاضِي: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ الْكُفَّارِ وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى اللهِ وَيُحْشَرُونَ، بَيَّنَ أَيْضًا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ. . .) فِي أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّ الْحَشْرَ وَالْبَعْثَ كَمَا هُوَ حَاصِلٌ فِي حَقِّ النَّاسِ فَهُوَ أَيْضًا حَاصِلٌ فِي حَقِّ الْبَهَائِمِ. انْتَهَى بِنَصِّهِ.
وَالْقَارِئُ يَرَى أَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي مِنْ كِبَارِ مُفَسِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَسْأَلَةٍ خَاصَّةٍ بِهِمْ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الرَّازِيُّ مِنْ كِبَارِ مُفَسِّرِي الْأَشْعَرِيَّةِ وَمُتَكَلِّمِيهِمْ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ وَفَرِيقٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ دُونَ الْأَشْعَرِيَّةِ فِي رِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمُكَلَّفِينَ فِي أَحْكَامِ الْبَارِي تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشُئُونِهِمْ، وَالْإِمَامُ الرَّازِيُّ قَدْ أَثْبَتَ الْمَصْلَحَةَ هُنَا وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى، وَلَكِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَرُدُّهَا أَوْ يَرُدُّ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ ثَابِتَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ الْخَطَأَ وَالضَّلَالَ إِنَّمَا هُوَ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَيْسَ عِنْدَنَا نَقْلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي ذَلِكَ، وَنَقْلُ الْمُخَالِفِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لَهُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْأَعْلَى، فَلَا يَعْلُوا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ، وَمَذْهَبُ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَصْلَحَةِ لَيْسَ مِنَ الْكَمَالِ الْوَاجِبِ لَهُ تَعَالَى، وَيَحْتَجُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرَاضِ الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ، وَفِي هَذِهِ الْحُجَّةِ بِحْثٌ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَقَدْ أَشَارَ الرَّازِيُّ بِقَوْلِهِ: " وَيَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ " إِلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْمُصْلِحَةِ تَفَضُّلٌ لَا يَجِبُ اطِّرَادُهُ، فَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ لَا مِمَّا يَجِبُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو السُّعُودِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ: كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَسُوقٌ لِبَيَانِ كَمَالِ قُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَشُمُولِ عِلْمِهِ وَسَعَةِ تَدْبِيرِهِ لِيَكُونَ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى
تَنْزِيلِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا لَا يُنْزِلُهَا مُحَافَظَةً عَلَى الْحِكَمِ الْبَالِغَةِ. انْتَهَى. وَنَقَلَ الْأَلُوسِيُّ مِثْلَهُ عَنِ الطَّبَرْسِيِّ، وَقَدْ أَخَذَهُ أَبُو السُّعُودِ مِنَ الْبَيْضَاوِيِّ.
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) (الدَّابَّةُ) مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالدَّبُّ وَالدَّبِيبُ الْمَشْيُ الْخَفِيفُ - زَادَ بَعْضُهُمْ - مَعَ تَقَارُبِ الْخَطْوِ، وَ (الطَّائِرُ) كُلُّ ذِي جَنَاحٍ يَسْبَحُ فِي الْهَوَاءِ وَجَمْعُهُ طَيْرٌ، كَرَاكِبٍ وَرَكْبٌ وَ (الْأُمَمُ) جَمْعُ أُمَّةٍ، وَهِيَ الْجِيلُ أَوِ الْجِنْسُ مِنَ الْأَحْيَاءِ، وَهَذَا أَحَدُ مَعَانِي اللَّفْظِ. وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْأُمَّةُ كُلُّ جَمَاعَةٍ يَجْمَعُهُمْ أَمْرٌ مَا؛ إِمَّا دِينٌ وَاحِدٌ أَوْ زَمَانٌ وَاحِدٌ أَوْ مَكَانٌ وَاحِدٌ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 326
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست