responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 293
كُلَّ مَذْهَبٍ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ ذِكْرِهِ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ " لَوْ غَيْرُ ذَاتِ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي " وَ " وُقِفُوا " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَقَّفَهُمْ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: وَقَفَ الرَّجُلُ عَلَى الْأَرْضِ وُقُوفًا. وَوَقَفَ عَلَى الْأَطْلَالِ أَيْ عِنْدِهَا مُشْرِفًا عَلَيْهَا، أَوْ قَاصِرًا هَمَّهُ عَلَيْهَا وَعَلَى الشَّيْءِ عَرَفَهُ وَتَبَيَّنَهُ، وَوَقَفَ نَفْسَهُ عَلَى كَذَا وَقْفًا: حَبَسَهَا كَوَقْفِ الْعَقَارِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَوَقَفَ الدَّابَّةَ وَقْفًا جَعَلَهَا تَقِفُ، وَالْمَعْنَى وَلَوْ تَرَى أَيُّهَا الرَّسُولُ أَوْ أَيُّهَا السَّامِعُ بِعَيْنَيْكَ هَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ الْمُكَذِّبِينَ إِذْ تَقِفُهُمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ عَلَى النَّارِ فَيَقِفُونَ عِنْدَهَا مُشْرِفِينَ عَلَيْهَا مِنْ أَرْضِ الْمَوْقِفِ وَهِيَ هَاوِيَةٌ سَحِيقَةٌ أَوْ مَقْصُورَيْنِ عَلَيْهَا لَا يَتَعَاوَنُهَا، أَوْ يَقِفُونَ فَوْقَهَا عَلَى الصِّرَاطِ، أَوْ لَوْ تَرَى إِذْ
يَدْخُلُونَهَا فَيَقِفُونَ عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ بِذَوْقِهِمْ إِيَّاهُ وَ " مَنْ ذَاقَ عَرَفَ " أَيْ لَوْ تَرَى مَا يَحِلُّ بِهِمْ حِينَئِذٍ وَمَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمِنْ نَدَمِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَمِنْ حَسْرَتِهِمْ وَتَمَنِّيهِمْ مَا لَا يُنَالُ لَرَأَيْتَ أَمْرًا عَظِيمًا لَا تُدْرِكُهُ الْعِبَادَةُ وَلَا يُحِيطُ بِهِ الْوَصْفُ.
وَقَدْ ذُكِرَ مَا يَكُونُ مِنْ وَقْفِهِمْ عَلَى النَّارِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي الْوَاقِعِ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلْإِعْلَامِ بِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فِي مِثْلِهِ، وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي تَعْلِيلِهِ: إِنَّ كَلِمَةَ " إِذْ " تُقَامُ مَقَامَ " إِذَا " إِذَا أَرَادَ الْمُتَكَلِّمُ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّكْرِيرِ وَالتَّوْكِيدِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ لِأَنَّ الْمَاضِيَ قَدْ وَقَعَ وَاسْتَقَرَّ، فَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِلْمَاضِي يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ مِنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فَقَدْ عَطَفَ بِالْفَاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ يَقَعُ حِينَئِذٍ فِي قُلُوبِهِمْ، وَيَسْبِقُ التَّعْبِيرَ عَنْهُ إِلَى أَلْسِنَتِهِمْ، هُوَ النَّدَمُ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ، وَتَمَنِّي الرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا لِيُؤْمِنُوا اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي إِعْرَابِ " نُكَذِّبَ وَنَكُونَ " فَرَفَعَهُمَا الْجُمْهُورُ وَنَصَبَهُمَا حَمْزَةُ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَنَصَبَ ابْنُ عَامِرٍ " نَكُونَ " فَقَطْ، فَقُرَّاءُ الْجُمْهُورِ بِالْعَطْفِ عَلَى " نُرَدُّ " تُفِيدُ أَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنْ يُرَدُّوا إِلَى الدُّنْيَا، وَأَلَّا يُكَذِّبُوا بَعْدَ عَوْدَتِهِمْ إِلَيْهَا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ كَمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ، وَأَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، أَيْ تَمَنَّوْا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، وَقِيلَ: بَلْ تَمَنَّوْا الْأَوَّلَ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: (وَلَا نُكَذِّبَ " إِلَخْ مَعْنَاهُ وَنَحْنُ لَا نَكْذِبَ إِلَخْ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْإِيمَانُ وَعَدَمُ التَّكْذِيبِ غَيْرَ دَاخِلِينَ فِي التَّمَنِّي، وَشَبَّهَهُ سِيبَوَيْهِ بِقَوْلِهِمْ: دَعْنِي وَلَا أَعُودُ، وَهُوَ طَلَبٌ لِلتَّرْكِ فَقَطْ، وَالْوَعْدُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ مُسْتَأْنَفٌ مَقْطُوعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَنَا لَا أَعُودُ تَرَكْتَنِي أَمْ لَمْ تَتْرُكْنِي، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: (وَلَا نُكَذِّبَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلَى مَعْنَى غَيْرِ مُكَذِّبِينَ وَكَائِنِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَدْخُلُ فِي حِكَمِ التَّمَنِّي اهـ. وَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ دُخُولَهُ فِي حُكْمِ التَّمَنِّي يَجْعَلُهُ بِمَعْنَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَعْنَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الرَّدَّ وَعَدَمَ التَّكْذِيبِ وَالْإِيمَانَ عَلَى سَوَاءٍ، وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الرَّدَّ فَقَطْ وَيَعِدُونَ بِالْإِيمَانِ وَعَدَمِ التَّكْذِيبِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست