responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 292
الْأُسْطَارَةُ لُغَةً: الْخُرَافَاتُ وَالتُّرَّهَاتُ وَهِيَ الَّتِي تُجْمَعُ عَلَى أَسَاطِيرَ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: وَاحِدُ الْأَسَاطِيرِ أُسْطُورَةٌ.
(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) ضَمِيرُ " وَهُمْ " عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْمُعَانِدِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَاحِدِينَ لِنُبُوَّتِهِ الَّذِينَ وَرَدَ هَذَا السِّيَاقُ بِطُولِهِ فِيهِ. لَا إِلَى الْفَرِيقِ الَّذِي ذَكَرَ أَخِيرًا فِي قَوْلِهِ: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْأَوْنَ أَيْ يَبْعُدُونَ عَنْهُ لِيَكُونُوا نَاهِينَ مُنْتَهِينَ. وَالنَّأْيُ عَنْهُ يَشْمَلُ الْإِعْرَاضَ عَنْ سَمَاعِهِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْ هِدَايَتِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى يَنْهَوْنَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يَنْهَوْنَ الْعَرَبَ عَنْ حِمَايَتِهِ وَمَنْعِهِ وَعَنِ اتِّبَاعِهِ وَالسَّمَاعِ لَهُ جَمِيعًا، وَيَبْعُدُونَ عَنْهُ بَعْدَ جَفَاءٍ وَعَدَاوَةٍ (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) أَيْ وَمَا يُهْلِكُونَ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ، بَلْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَقْضُونَ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ وَإِخْبَارِهِ بِالْغَيْبِ فَقَدْ هَلَكَ جَمِيعُ الَّذِينَ أَصَرُّوا عَلَى عَدَاوَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ بِالنِّقَمِ الْخَاصَّةِ، وَبَعْضُهُمْ فِي بَدْرٍ، ثُمَّ فِي
غَيْرِهَا مِنَ الْغَزَوَاتِ، وَيَلِي هَذَا الْهَلَاكَ الدُّنْيَوِيَّ هَلَاكُ الْآخِرَةِ، وَلَفْظُ الْآيَةِ يَشْمَلُهَا وَهُوَ فِي هَلَاكِ الدُّنْيَا أَظْهَرُ.
(وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) .
بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى لَنَا فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ هَاتَيْنِ حَالَ مَنْ فَقَدُوا الِاسْتِعْدَادَ لِلْإِيمَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَخَصَّ بِالذِّكْرِ طَائِفَةً مِنْهُمْ وَهِيَ الَّتِي تُلْقِي السَّمْعَ مُصْغِيَةً لِلْقُرْآنِ وَلَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ سَمْعِهَا إِلَى بَيْتِ قَلْبِهَا شَيْءٌ مِنْهُ، لِمَا عَلَى الْقَلْبِ مِنْ أَكِنَّةِ التَّقْلِيدِ، وَالِاطْمِئْنَانِ بِالشِّرْكِ التَّلِيدِ، وَالِاسْتِنْكَارِ لِكُلِّ شَيْءٍ جَدِيدٍ، فَهُمْ يَسْتَمِعُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ، وَلَا يَكْتَفُونَ بِذَلِكَ بَلْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ وَهُمْ نَاءُونَ مُنْتَهُونَ وَمَا يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، ثُمَّ بَيَّنَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ بَعْضَ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَأَمْرِ أَمْثَالِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَفَّى عَلَيْهِ بِبَيَانِ كُنْهِ حَالِهِمْ فِي فَقْدِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْإِيمَانِ، وَأَنَّهُ بَلَغَ مَبْلَغًا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَشْفُ الْغِطَاءِ وَرُؤْيَةُ الْعِيَانِ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:
(وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) " لَوْ " شَرْطِيَّةٌ حُذِفَ جَوَابُهَا لِتَذْهَبَ النَّفْسُ فِي تَصَوُّرِهِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست