responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 204
لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ لَمَا كَانَ لِشَهَادَتِهِمْ فَائِدَةٌ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) (4: 41) .
ذَكَرَ اللهُ سُؤَالَ الرُّسُلِ وَجَوَابَهُمْ بِالْإِجْمَالِ ثُمَّ بَيَّنَ بِالتَّفْصِيلِ سُؤَالَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنِ التَّبْلِيغِ وَجَوَابِهِ عَنِ السُّؤَالِ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ يَدَّعُونَ اتِّبَاعَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ حَاجَّتْهُمْ
هَذِهِ السُّورَةُ فِيمَا يَقُولُونَ فِي رَسُولِهِمْ أَوْسَعَ الِاحْتِجَاجِ، وَأَقَامَتْ عَلَيْهِمُ الْبُرْهَانَ فِي إِثْرِ الْبُرْهَانِ، وَقَدَّمَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ مَا خَاطَبَ بِهِ هَذَا الرَّسُولَ مِنْ بَيَانِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ وَآيَاتِهِ لَهُ الَّتِي كَانَتْ مَنْشَأَ افْتِتَانِ النَّاسِ بِهِ فَقَالَ:
(إِذْ قَالَ اللهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ) بَدَلٌ مِنْ " يَوْمَ يَجْمَعُ " وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ) أَيْ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِالْمَاضِي، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يُوَبِّخُ الْكَفَرَةَ يَوْمَئِذٍ بِسُؤَالِ الرُّسُلِ عَنْ إِجَابَتِهِمْ وَتَعْدِيلِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْآيَاتِ، فَكَذَّبَتْهُمْ طَائِفَةٌ وَسَمَوْهُمْ سَحَرَةً، وَغَلَا آخَرُونَ وَاتَّخَذُوهُمْ آلِهَةً. أَوْ نُصِبَ بِإِضْمَارِ " اذْكُرْ " اهـ.
وَالنِّعْمَةُ تُسْتَعْمَلُ مَصْدَرًا وَاسْمًا لِمَا حَصَلَ بِالْمَصْدَرِ، وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ يُفِيدُ التَّعَدُّدَ وَالْمَعْنَى: اذْكُرْ إِنْعَامِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ، وَقْتَ تَأْيِيدِي إِيَّاكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ إِلَخْ. أَوِ اذْكُرْ نِعَمِي حَالَ كَوْنِهَا وَاقِعَةً عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ أَيْ قَوَّيْتُكَ شَيْئًا فَشَيْئًا بِرُوحِ الْقُدُسِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ حُجَّتُكَ، وَتَبْرَأُ مِنْ تُهْمَةِ الْفَاحِشَةِ وَالِدَتُكَ، حَالَ كَوْنِكَ تُكَلِّمُ النَّاسِ فِي الْمَهْدِ بِمَا يُبَرِّئُهَا مِنْ قَوْلِ الْآثِمِينَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَيْهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا غُلَامٌ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ يَكُونُ أَبًا لَهُ، وَكَهْلًا حِينَ بَعَثْتُ فِيهِمْ رُسُلًا تُقِيمُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ بِمَا ضَلُّوا بِهِ عَنِ الْحُجَّةِ، فَكَلَامُهُ فِي الْمَهْدِ هُوَ قَوْلُهُ: (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (19: 30) إِلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ.
وَرُوحُ الْقُدُسِ هُوَ مَلَكُ الْوَحْيِ الَّذِي يُؤَيِّدُ اللهُ بِهِ الرُّسُلَ بِالتَّعْلِيمِ الْإِلَهِيِّ وَالتَّثْبِيتِ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي مِنْ شَأْنِ الْبَشَرِ أَنْ يَضْعُفُوا فِيهَا. قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (16: 102) . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَالَ تَعَالَى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) (8: 12) .
(وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) أَيْ وَنِعْمَتِي عَلَيْكَ إِذْ عَلَّمْتُكَ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ أَيْ مَا يُكْتَبُ أَوِ الْكِتَابَةَ بِالْقَلَمِ، أَيْ وَفَّقْتُكَ لِتَعَلُّمِهَا، وَالْحِكْمَةَ. . وَهِيَ
الْعِلْمُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَبْعَثُ الْإِرَادَةَ إِلَى الْعَمَلِ النَّافِعِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْإِقْنَاعِ وَالْعِبْرَةِ وَالْبَصِيرَةِ وَفِقْهِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست