responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 202
بَيَّنَا فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ الْآيَتَيْنِ 87، 88 مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَجْهَ الِاتِّصَالِ وَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ مَجْمُوعِ آيَاتِهَا وَطَوَائِفِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى هَذَا السِّيَاقِ الْأَخِيرِ مِنْهَا وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِمُحَاجَّةِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَامَّةً، وَالنَّصَارَى مِنْهُمْ خَاصَّةً، وَفِيهِ ذَلِكَ الْمَعَادُ وَالْحِسَابُ وَالْجَزَاءُ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ أَمْرُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الدِّينِ وَأَمْرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ وَالِاتِّصَالِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَمَا قَبْلَهَا مُبَاشَرَةً مِنْ آيَاتِ الْأَحْكَامِ. وَيَرَى بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ كَلِمَةَ " يَوْمٍ " أَوَّلُهَا فِي مُتَعَلِّقَاتِ الْآيَةِ أَوِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَمَا نَرَى فِيهَا يَلِي:
(يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ) قِيلَ: إِنَّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ مِنْ آخِرِ جُمْلَةٍ مِمَّا قَبْلَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ إِلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ يَوْمَ يَجْمَعُ الرُّسُلَ فِي الْآخِرَةِ وَيَسْأَلُهُمْ عَنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَمَا أَجَابَتْهُمْ بِهِ أَقْوَامُهُمْ أَوْ لَا يَهْدِيهِمْ يَوْمَئِذٍ طَرِيقًا إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: (وَاتَّقُوا اللهَ) أَوْ بِقَوْلِهِ: (وَاسْمَعُوا) أَيْ وَاتَّقُوا عِقَابَ اللهِ يَوْمَ جَمْعِهِ الرُّسُلَ أَوْ وَاسْمَعُوا يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ. أَيْ خَبَرَهُ وَمَا يَكُونُ فِيهِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا قَبْلَهَا وَالْمَعْنَى: يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ وَيَسْأَلُهُمْ يَكُونُ مِنَ الْأَهْوَالِ مَا لَا يَفِي بِبَيَانِهِ مَقَالٌ، أَوِ الْمَعْنَى وَاذْكُرْ أَيُّهَا الرَّسُولُ يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ: مَاذَا أَجَبْتُمْ؟ وَهَذَا التَّقْدِيرُ أَظْهَرُ، وَلَهُ فِي التَّنْزِيلِ
نَظَائِرُ. وَالْمُرَادُ مِنَ السُّؤَالِ تَوْبِيخُ أُمَمِهِمْ، وَإِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى الْكَافِرِينَ مِنْهُمْ، وَالْمَعْنَى أَيُّ إِجَابَةٍ أَجَبْتُمْ، أَإِجَابَةُ إِيمَانٍ وَإِقْرَارٍ أَمْ إِجَابَةُ كُفْرٍ وَاسْتِكْبَارٍ؟ فَهُوَ سُؤَالٌ عَنْ نَوْعِ الْإِجَابَةِ لَا عَنِ الْجَوَابِ مَاذَا كَانَ، وَإِلَّا لَقُرِنَ بِالْبَاءِ. وَقِيلَ: الْبَاءُ مَحْذُوفَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ بِمَاذَا أَجَبْتُمْ. وَهَذَا السُّؤَالُ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبِيلِ سُؤَالِ الْمَوْءُودَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (81: 8، 9) فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَجْهٌ إِلَى الشَّاهِدِ دُونَ الْمُتَّهَمِ لِمَا ذُكِرَ آنِفًا مِنَ الْحِكْمَةِ، وَهُوَ يَكُونُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ، وَيَشْهَدُونَ عَلَى الْأُمَمِ بَعْدَ التَّفْوِيضِ الْآتِي، أَوْ عَقِبَ سُؤَالٍ غَيْرِ هَذَا، وَيَسْأَلُ اللهُ تَعَالَى الْأُمَمَ فِي مَوْقِفٍ آخَرَ أَوْ فِي وَقْتٍ آخَرَ كَمَا هُوَ شَأْنُ قُضَاةِ التَّحْقِيقِ فِي سُؤَالِ الْخَصْمِ وَالشُّهُودِ لِتَحَقُّقِ شَرَائِطِ الْحُكْمِ الصَّحِيحِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ، قَالَ تَعَالَى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) (7: 6، 7) .
وَلَمَّا كَانَ تَعَالَى يَسْأَلُ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَكَانَ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عِلْمٍ يَقِينِيٍّ بِذَلِكَ يَكُونُ جَوَابُهُمْ فِي أَوَّلِ الْعَهْدِ بِالسُّؤَالِ التَّبَرُّؤَ مِنَ الْعِلْمِ وَتَفْوِيضَهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى إِمَّا لِنُقْصَانِ عِلْمِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِهِ تَعَالَى كَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِمَّا لِمَا يُفَاجِئُهُمْ مِنْ فَزَعِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ هَوْلِهِ أَوْ ذُهُولِهِ كَمَا نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست