responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 139
فِيهَا بَيْنَ مَا فَرَّقَتِ النُّصُوصُ أَوِ الْمِيزَانُ الْمُسْتَقِيمُ، وَفَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ مَا جَمَعَتْ، وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالنَّقْلِيَّةِ وَتَبِعَهُ عِدَّةُ فُصُولٍ تَفَرَّعَتْ مِنْهُ.
(الْحُكْمُ بَيْنَ مُثْبِتِي الْقِيَاسِ وَمُنْكِرِيهِ) .
بَعْدَ أَنْ أَطَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي بَسْطِ أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ تَصَدَّى لِبَيَانِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا بِإِثْبَاتِ الْقِيَاسِ الْمُوَافِقِ لِلنُّصُوصِ وَإِبْطَالِ الْقِيَاسِ الِاصْطِلَاحِيِّ، وَمَهَّدَ لِذَلِكَ تَمْهِيدًا مُفِيدًا بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعٌ لِمَسْأَلَةِ الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ وَالْأَسْبَابِ، وَقَدِ انْقَسَمَ النَّاسُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى غُلَاةٍ فِي النَّفْيِ وَغُلَاةٍ فِي الْإِثْبَاتِ وَمُعْتَدِلِينَ فِيهِ قَالَ:
وَسَبَبُ ذَلِكَ خَفَاءُ الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى وَالْمَذْهَبِ الْوَسَطِ الَّذِي هُوَ فِي الْمَذَاهِبِ كَالْإِسْلَامِ فِي الْأَدْيَانِ، وَعَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَالْفُقَهَاءُ الْمُعْتَبَرُونَ بِهِ مِنْ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ
وَالْأَسْبَابِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ فِي خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَأَمْرِهِ (أَيْ وَشَرْعِهِ) وَإِثْبَاتِ لَامِ التَّعْلِيلِ وَفَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّرْعِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ مَعَ صَرِيحِ الْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالْمِيزَانُ " ثُمَّ قَالَ:
" وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ كَمَا انْقَسَمُوا إِلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ، انْقَسَمُوا فِي فَرْعِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ إِلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ أَنْكَرَتْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَفِرْقَةٌ قَالَتْ بِهِ وَأَنْكَرَتِ الْحُكْمَ وَالتَّعْلِيلَ وَالْمُنَاسَبَاتِ. وَالْفِرْقَتَانِ أَخْلَتَا النُّصُوصَ عَلَى تَنَاوُلِهَا لِجَمِيعِ أَحْكَامِ الْمُكَلَّفِينَ، وَإِنَّمَا أَحَالَتَا عَلَى الْقِيَاسِ. ثُمَّ قَالَ غُلَاتُهُمْ: أَحَالَتْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ الْأَحْكَامِ، وَقَالَ مُتَوَسِّطُوهُمْ: بَلْ أَحَالَتْ عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْكَامِ لَا سَبِيلَ إِلَى إِثْبَاتِهَا إِلَّا بِهِ.
خَطَأُ نُفَاةِ الْقِيَاسِ وَمُثْبِتِيهِ بِإِطْلَاقٍ:
" وَالصَّوَابُ وَرَاءَ مَا عَلَيْهِ الْفِرَقُ الثَّلَاثُ. وَهُوَ أَنَّ النُّصُوصَ مُحِيطَةٌ بِأَحْكَامِ الْحَوَادِثِ، وَلَمْ يُحِلْنَا اللهُ وَلَا رَسُولُهُ عَلَى رَأْيٍ وَلَا قِيَاسٍ، بَلْ قَدْ بَيَّنَ الْأَحْكَامَ كُلَّهَا وَالنُّصُوصُ كَافِيَةٌ وَافِيَةٌ بِهَا، وَالْقِيَاسُ حَقٌّ مُطَابِقٌ لِلنُّصُوصِ، فَهُمَا دَلِيلَانِ لِلْكِتَابِ وَالْمِيزَانِ، وَقَدْ تَخْفَى دَلَالَةُ النَّصِّ وَلَا يَبْلُغُ الْعَالِمَ فَيَعْدِلُ إِلَى الْقِيَاسِ، ثُمَّ قَدْ يَظْهَرُ مُوَافِقًا لِلنَّصِّ فَيَكُونُ قِيَاسًا صَحِيحًا، وَقَدْ يَظْهَرُ مُخَالِفًا لَهُ فَيَكُونُ فَاسِدًا. وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ، وَلَكِنْ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ قَدْ تَخْفَى مُوَافَقَتُهُ أَوْ مُخَالَفَتُهُ.
وَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ سَدُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْحَقِّ فَاضْطَرُّوا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست