responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 138
كُلُّهَا عَلَى الْقِيَاسِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَلَيْسَتْ كُلُّهَا فِي الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَلُوذَ بِهِ وَيَلْجَأَ إِلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِالْقِيَاسِ، فَكَانَ مِنْهُ مَا لَعَلَّهُ لَمْ يَخْطُرْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى بَالٍ، وَلِذَلِكَ قَفَّى عَلَى ذَلِكَ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي ذَمِّ الْقِيَاسِ وَكَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ فِي شَيْءٍ. فَافْتَتَحَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
(فَصْلٌ) قَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِ فُصُولٍ فِي الْقِيَاسِ نَافِعَةٍ وَأُصُولٍ جَامِعَةٍ فِي تَقْرِيرِ الْقِيَاسِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ لَعَلَّكَ لَا تَظْفَرُ بِهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَلَا تَقْرُبُ مِنْهَا، فَلْنَذْكُرْ مَعَ ذَلِكَ مَا قَابَلَهَا مِنَ النُّصُوصِ وَالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَمِّ الْقِيَاسِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ، وَحُصُولِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْوَحْيَيْنِ.
(مِثَالُ الْقِيَاسِ الْبَاطِلِ) .
ثُمَّ إِنَّهُ أَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَسَرْدِ الْأَمْثِلَةِ الْكَثِيرَةِ لِلْأَقْيِسَةِ الْبَاطِلَةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ تِلْكَ الْآيَاتِ، وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ، فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ، وَزَادَ هُوَ إِنْكَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ وَأُسَامَةَ مَحْضَ الْقِيَاسِ فِي الْحُلَّتَيْنِ الْحَرِيرِيَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَهْدَاهُمَا إِلَيْهِمَا إِذْ لَبِسَهَا أُسَامَةُ قِيَاسًا لِلُّبْسِ عَلَى التَّمَلُّكِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْبَيْعِ، وَرَدَّهَا عُمَرُ قِيَاسًا لِتَمَلُّكِهَا عَلَى لُبْسِهَا الْمُحَرَّمِ بِالنَّصِّ. (قَالَ) : فَأُسَامَةُ أَبَاحَ وَعُمَرُ حَرَّمَ قِيَاسًا، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِيَاسَيْنِ
وَقَالَ لِعُمَرَ: " إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا " وَقَالَ لِأُسَامَةَ: " إِنِّي لَمْ أَبْعَثْهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا وَلَكِنْ بِعَثْتُهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُرًا لِنِسَائِكَ " وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي الْحَرِيرِ بِالنَّصِّ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِهِ فَقَطْ فَقَاسَا قِيَاسًا أَخْطَئَا فِيهِ، فَأَحَدُهُمْ قَاسَ اللُّبْسَ عَلَى الْمِلْكِ، وَعُمَرُ قَاسَ التَّمَلُّكَ عَلَى اللُّبْسِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ أَنَّ مَا حَرَّمَهُ مِنَ اللُّبْسِ لَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ، وَمَا أَبَاحَهُ مِنَ التَّمَلُّكِ لَا يَتَعَدَّى إِلَى اللُّبْسِ، وَهَذَا عَيْنُ إِبْطَالِ الْقِيَاسِ " اهـ.
أَقُولُ: وَلَكِنَّ هَذَا لَمْ يَمْنَعْ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قِيَاسِ كُلِّ اسْتِعْمَالٍ لِلْحَرِيرِ عَلَى اللُّبْسِ، وَمِنْ قِيَاسِ كُلِّ اسْتِعْمَالٍ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَكْلِ فِي صِحَافِهِمَا وَالشُّرْبِ مِنْ آنِيَتِهِمَا. وَهَكَذَا شَأْنُهُمْ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ.
ثُمَّ عَقَدَ فَصَلَيْنِ فِي ذَمِّ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لِلْقِيَاسِ وَإِبْطَالِهِمْ لَهُ، وَفَصْلًا فِي تَعَارُضِ الْأَقْيِسَةِ وَتَنَاقُضِهَا، وَفَصْلًا آخَرَ فِي فَسَادِ الْقِيَاسِ وَبُطْلَانِهِ وَتَنَاقُضِ أَهْلِهِ فِيهِ وَاضْطِرَابِهِمْ تَأْصِيلًا وَتَفْصِيلًا، وَذَكَرَ أَنْوَاعَ الْقِيَاسِ الْأَرْبَعَةَ عِنْدَ غُلَاتِهِمْ كَفُقَهَاءِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَهِيَ قِيَاسُ الْعِلَّةِ وَالدَّلَالَةِ وَالشُّبْهَةِ وَالطَّرْدِ، وَذَكَرَ أَمْثِلَةً كَثِيرَةً مِنْ أَقْيِسَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ وَاضْطِرَابِهِمْ فِي التَّأْصِيلِ وَالتَّفْصِيلِ، وَهَذَا الْفَصْلُ مِنْ أَجَلِّ الْفُصُولِ وَأَطْوَلِهَا، وَفِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَقْيِسَةِ الَّتِي جَمَعُوا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست