responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 94
الْأُمُورِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الصِّنَاعَاتِ وَالْحِرَفِ كَالتِّجَارَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالزِّرَاعَةِ، وَاسْتِعْمَالُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْمَعَانِي الْأُولَى أَكْثَرُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا خَاصَّةٌ بِوِلَايَةِ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ دُونَ الْقَرَابَةِ، بِمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُقِيمَ
فِي الْبَادِيَةِ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الشِّرْكِ، لَمْ يَكُنْ يَرِثُ الْمُسْلِمَ الَّذِي فِي الْمَدِينَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا إِلَّا إِذَا هَاجَرَ إِلَيْهَا، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ، وَزَالَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ، وَغَلَبَ حُكْمُ الْإِسْلَامِ فِي بَدْوِ الْعَرَبِ وَحَضَرِهَا، فَنُسِخَ التَّوَارُثُ بِالْإِسْلَامِ وَهَذَا التَّخْصِيصُ بَاطِلٌ.
وَالْمُتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْأَوْلِيَاءِ عَامًا يَشْمَلُ كُلَّ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ، وَالْمَقَامُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ بَلِ السُّورَةُ كُلُّهَا يَأْبَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ حُكْمًا مَدَنِيًّا مِنْ أَحْكَامِ الْأَمْوَالِ فَقَطْ، فَهِيَ فِي الْحَرْبِ وَعَلَاقَةِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَعَلَاقَتِهِمْ بِالْكُفَّارِ، وَكُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَةِ التَّوَارُثِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْإِسْلَامِ أَمْ بِالْقَرَابَةِ، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ صَفْوَةِ مَا وَرَدَ وَمَا قِيلَ فِي الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ـ لِيُعْلَمَ بِالتَّفْصِيلِ بُطْلَانُ مَا قِيلَ فِي حَمْلِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْإِرْثِ بِهَا.
جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ قَدْ حَالَفَ رَسُولُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِي، قَالَهُ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ: لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مُؤَاخَاتَةُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ وَأَسْنَدَهُ فِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ وَكَذَلِكَ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَأَسْنَدَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مُؤَاخَاتَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَأَبِي طَلْحَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً، وَذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَمَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ، كَانُوا تِسْعِينَ نَفْسًا بَعْضُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَبَعْضُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقِيلَ: وَكَانُوا مِائَةً: فَلَمَّا نَزَلَ: وَأُولُو الْأَرْحَامِ (8: 75) بَطَلَتِ الْمَوَارِيثُ بَيْنَهُمْ بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاةِ اهـ.
وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِآيَةِ وَأُولُو الْأَرْحَامِ آيَةُ (6) مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، ثُمَّ اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَى بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ فَظَنُّوا أَنَّهَا آيَةُ (75) مِنَ الْأَنْفَالِ، وَكُلٌّ
مِنْهُمَا مُشْكِلٌ، وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا آيَةُ الْأَنْفَالِ أَظْهَرُ إِشْكَالًا، بَلْ لَا يَبْقَى مَعَهَا لِذَلِكَ التَّوَارُثِ فَائِدَةٌ وَلَا لِنَسْخِهِ حِكْمَةٌ لِقُرْبِ الزَّمَنِ بَيْنَ هَذَا الْإِرْثِ وَبَيْنَ نَسْخِهِ، فَإِنَّ سُورَةَ الْأَنْفَالِ نَزَلَتْ عَقِبَ غَزْوَةِ بَدْرٍ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ تَكُنِ الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ الْإِرْثِ قَدْ تَغَيَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُؤَاخَاةَ كَانَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست