responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 93
الْعَقَائِدِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْآدَابِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْأَحْكَامِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ، وَنَاهِيكَ بِسَبْقِ هَؤُلَاءِ إِلَى هَذَا الْإِيمَانِ وَمُعَادَاةِ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ لِأَجْلِهِ - وَوَصَفَهُمْ بِالْمُهَاجَرَةِ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ فِرَارًا بِدِينِهِمْ مِنْ فِتْنَةِ الْمُشْرِكِينَ، إِرْضَاءً لِلَّهِ تَعَالَى وَنَصْرًا لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَوَصَفَهُمْ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، فَالْجِهَادُ بَذْلُ الْجُهْدِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ وَمُصَارَعَةُ الْمَشَاقِّ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ بِالْأَمْوَالِ فَهُوَ قِسْمَانِ: إِيجَابِيٌّ: وَهُوَ إِنْفَاقُهَا فِي التَّعَاوُنِ وَالْهِجْرَةِ، ثُمَّ فِي الدِّفَاعِ عَنْ دِينِ اللهِ وَنَصْرِ رَسُولِهِ وَحِمَايَتِهِ، وَسَلْبِيٌّ: وَهُوَ سَخَاءُ النَّفْسِ بِتَرْكِ مَا تَرَكُوهُ فِي وَطَنِهِمْ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْهُ - وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ بِالنَّفْسِ فَهُوَ قِسْمَانِ أَيْضًا: قِتَالُ الْأَعْدَاءِ، وَعَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَعُدَدِهِمْ، وَمَا كَانَ قَبْلَ إِيجَابِ الْقِتَالِ مِنِ احْتِمَالِ الْمَشَاقِّ وَمُغَالَبَةِ الشَّدَائِدِ وَالصَّبْرِ عَلَى الِاضْطِهَادِ، وَالْهِجْرَةِ مِنَ الْبِلَادِ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ سَغَبٍ وَتَعَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ: وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا وَهَذَا هُوَ الصِّنْفُ الثَّانِي فِي الْفَضْلِ كَالذِّكْرِ، وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ آوَوُا الرَّسُولَ وَمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ بِالْإِيمَانِ وَنَصَرُوهُمْ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَحْصُلْ فَائِدَةُ الْهِجْرَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَبْدَأَ الْقُوَّةِ وَالسِّيَادَةِ، فَالْإِيوَاءُ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّأْمِينِ مِنَ الْمَخَافَةِ، إِذِ الْمَأْوَى هُوَ الْمَلْجَأُ وَالْمَأْمَنُ، وَمِنْهُ: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ (18: 10) ، فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ (18: 16) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (93: 6) ، وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (70: 13) ، آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ (12: 69) وَقَدْ أُطْلِقَ الْمَأْوَى فِي التَّنْزِيلِ عَلَى الْجَنَّةِ وَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ فِي اسْتِعْمَالِهِ، وَعَلَى نَارِ الْجَحِيمِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّهَكُّمِ، وَنُكْتَتُهُ بَيَانُ أَنَّ مَنْ كَانَتِ النَّارُ مَأْوَاهُ لَا يَكُونُ لَهُ مَلْجَأٌ يَنْضَوِي إِلَيْهِ، وَلَا مَأْمَنٌ يَعْتَصِمُ بِهِ، وَقَدْ كَانَتْ (يَثْرِبُ) مَأْوَى وَمَلْجَأً لِلْمُهَاجِرِينَ شَارَكَهُمْ أَهْلُهَا فِي أَمْوَالِهِمْ، وَآثَرُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا أَنْصَارَ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُقَاتِلُونَ مَنْ قَاتَلَهُ وَيُعَادُونَ مَنْ عَادَاهُ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ اللهُ حُكْمَهُمْ وَحُكْمَ الْمُهَاجِرِينَ وَاحِدًا فِي قَوْلِهِ: أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ أَيْ: يَتَوَلَّى بَعْضُهُمْ مِنْ أَمْرِ الْآخَرِينَ أَفْرَادًا أَوْ جَمَاعَاتٍ مَا يَتَوَلَّوْنَهُ مِنْ أَمْرِ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنْ تَعَاوُنٍ وَتَنَاصُرٍ فِي الْقِتَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْغَنَائِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ وَمَرَافِقَهُمْ وَمَصَالِحَهُمْ مُشْتَرَكَةٌ، حَتَّى إِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مِنَ الْأَقَارِبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ إِغَاثَةُ الْمُضْطَرِّ، وَكِفَايَةُ الْمُحْتَاجِ مِنْهُمْ: كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى أُمُورَهُمُ الْعَامَّةَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ، فَالْأَوْلِيَاءُ جَمْعُ وَلِيٍّ وَهُوَ كَالْمَوْلَى مُشْتَقٍّ مِنَ الْوَلَايَةِ - بِفَتْحِ الْوَاوِ - وَبِهِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ فِي الْجُمْلَةِ الْآتِيَةِ، وَكَسْرِهَا وَبِهِ قَرَأَ حَمْزَةُ فِيهَا، سَوَاءٌ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ كَالدَّلَالَةِ وَالدِّلَالَةِ أَوْ قِيلَ: إِنَّ لَفْظَ الْوَلَايَةِ بِالْفَتْحِ خَاصٌّ بِالنُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ وَكَذَا النَّسَبِ وَالدِّينِ، وَبِالْكَسْرِ خَاصٌّ بِالْإِمَارَةِ وَتَوَلِّي

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست