responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 79
الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَغَانِمَ وَالْأُسَارَى حَلَالٌ لَكُمْ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ مِنَ الْأُسَارَى عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا قَالَ: وَكَانَ اللهُ قَدْ كَتَبَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ: الْمَغَانِمُ وَالْأُسَارَى حَلَالُّ لِمُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأُمَّتِهِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَلَّهُ لِأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ، وَأَخَذُوا الْمَغَانِمَ وَأَسَرُوا الْأُسَارَى قَبْلَ أَنْ يُنْزَلَ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ قَالَ: سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الرَّحْمَةُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِالْمَعْصِيَةِ، اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَهْلُ بَدْرٍ خَاصَّةً، فَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مَا يُثْبِتُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لِأَهْلِ بَدْرٍ كَقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِعُمَرَ حِينَ اسْتَأْذَنَهُ بِقَتْلِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ: " أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ. فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ - أَوْ
فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ " وَفِي رِوَايَةٍ: " وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ " إِلَخْ. وَهَذَا تَمْثِيلٌ وَتَصْوِيرٌ لِمَغْفِرَةِ اللهِ لَهُمْ، وَلَيْسَ أَمْرًا إِبَاحِيًّا أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ إِيَّاهُ، بَلْ هُوَ أَشْبَهُ بِأَمْرِ التَّكْوِينِ وَالتَّقْدِيرِ مِنْهُ بِأَمْرِ التَّكْلِيفِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْبِشَارَةَ الْمَذْكُورَةَ خَاصَّةٌ بِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَا بِأَحْكَامِ الدُّنْيَا مِنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَحْوِهَا. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ شَرِبَ الْخَمْرِ فَحَدَّهُ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ قَالَ: فِي أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُ وَيَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي الْآيَةِ: لَوْلَا قَضَاءٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَكُمْ أَهْلَ بَدْرٍ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ بِأَنَّهُ مُحِلٌّ لَكُمُ الْغَنِيمَةَ، وَأَنَّ اللهَ قَضَى فِيمَا قَضَى أَنَّهُ لَا يُضِلُّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ - وَأَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا شَهِدَ الْمَشْهَدَ الَّذِي شَهِدْتُمُوهُ بِبَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَاصِرًا دِينَ اللهِ - لَنَالَكُمْ مِنَ اللهِ بِأَخْذِكُمُ الْغَنِيمَةَ وَالْفِدَاءَ عَذَابٌ عَظِيمٌ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَاتِهِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَصَوَّبَ إِرَادَتَهَا كُلَّهَا.
وَهَذَا خَلْطٌ بَيْنَ الْغَنَائِمِ وَفِدَاءِ الْأَسْرَى، وَإِشْرَاكٌ بَيْنَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَتَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا. وَاخْتَارَ ابْنُ كَثِيرٍ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا لِابْنِ جَرِيرٍ. وَالْأَظْهَرُ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْفِدَاءِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْغَنَائِمِ. فَإِنَّ الْغَنَائِمَ أُحِلَّتْ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي أَوَّلِ هَذَا الْجُزْءِ مِنْهَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الَّذِي سَبَقَ فِي كِتَابِ اللهِ، أَيْ فِي حُكْمِهِ أَوْ فِي عِلْمِهِ، هُوَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إِذَا أَخْطَأَ لَا يُعَاقَبُ بَلْ يُثَابُ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَإِذَا كَانَ نَبِيًّا لَا يُقِرُّهُ اللهُ عَلَى خَطَأٍ بَلْ يُبَيِّنُهُ لَهُ وَيُبَيِّنُ لَهُ مَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِقَابِ لَوْلَا الِاجْتِهَادُ وَحُسْنُ النِّيَّةِ.
وَقَدْ فَنَّدَ الرَّازِيُّ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ الْمَأْثُورَةِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي سَبَقَ، بَعْضُهَا بِحَقٍّ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَاخْتَارَ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِهِ الْأَشْعَرِيَّةِ فِي جَوَازِ الْعَفْوِ عَنِ الْكَبَائِرِ
أَنَّ الْمَعْنَى:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست