responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 493
سَفَرِكَ هَذَا إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، أَيِ الْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَمَا كُلُّ مَنْ تَخَلَّفَ كَانَ مُنَافِقًا: فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ أَوْ غَيْرِ غَزَاةٍ مِمَّا تَخْرُجُ لِأَجْلِهِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا أَيْ: لَنْ يَكُونَ لَكُمْ شَرَفُ صُحْبَةِ الْإِيمَانِ بِالْخُرُوجِ مَعِي إِلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَا إِلَى غَيْرِهِ كَالنُّسُكِ أَبَدًا مَا بَقِيتُ: وَلَنْ تُقَاتِلُوا
مَعِيَ عَدُوًّا مِنَ الْأَعْدَاءِ بِصِفَةٍ مَا، لَا بِالْخُرُوجِ وَالسَّفَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ يُهَاجِمُوا الْمُؤْمِنِينَ فِي عَاصِمَتِهِمْ، كَمَا فَعَلُوا يَوْمَ الْأَحْزَابِ مَثَلًا، فَكُلٌّ مِنَ الْخُرُوجِ الْمُطْلَقِ الَّذِي حُذِفَ مُتَعَلِّقُهُ، وَالْقِتَالِ الَّذِي ذُكِرَ مُتَعَلِّقُهُ نَكِرَةٌ مَنْفِيَّةٌ عَامٌّ فَيَصْدُقَانِ بِكُلِّ خُرُوجٍ، وَكُلِّ قِتَالٍ لِعَدُوٍّ فِي أَيِّ مَكَانٍ، وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا مَنْ غَفَلَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فَزَعَمُوا أَنَّ الثَّانِي تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ هَذَا الْحِرْمَانِ مِنْ شَرَفِ الْجِهَادِ فَقَالَ: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ بِخِزْيِ الْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ دُعِيتُمْ فِيهَا إِلَى الْخُرُوجِ، وَاسْتُنْفِرْتُمْ فَلَمْ تَنْفِرُوا عِصْيَانًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ مَا حَيِيتُمْ أَبَدًا أَيْ: مَعَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ النَّفْرِ، أَوْ مَعَ الْأَشْرَارِ الْفَاسِدِينَ، الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ سَبِيلِ الْمُهْتَدِينَ، قَالَ فِي مَجَازِ الْأَسَاسِ: وَخَلَفَ اللَّبَنُ: تَغَيَّرَ، وَمَعْنَاهُ خَلَفَ طِيبَهُ تَغَيُّرُهُ أَيْ: صَارَ الْمُتَغَيِّرُ الْفَاسِدُ خَلَفًا لِلطَّيِّبِ وَخَلَفَ فُوهُ خُلُوفًا، وَخَلَفَ عَنْ خُلُقِ أَبِيهِ، وَخَلَفَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ: تَحَوَّلَ وَفَسَدَ، وَهُوَ خَالِفَةُ أَهْلِ بَيْتِهِ، أَيْ فَاسِدُهُمْ وَشَرُّهُمُ اهـ. وَالْخَالِفُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَنْ يَخْلُفُ غَيْرَهُ أَيْ يَأْتِي بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ الْخَلَفُ بِالتَّحْرِيكِ وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٌ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَخْلُفُ غَيْرَهُ فِي الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، وَالثَّانِي فِيمَنْ يَخْلُفُ غَيْرَهُ فِي الشَّرِّ وَالطَّلَاحِ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: فَأَمَّا الْخَالِفَةُ فَهُوَ الَّذِي لَا غِنَاءَ عِنْدَهُ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْخَالِفُ وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ الْخِلَافِ ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنِ ابْنِ الْأَثِيرِ: وَقَدْ يَكُونُ الْخَالِفُ الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الْقَوْمِ فِي الْغَزْوِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ (87) اهـ. وَيُرَادُ بِالْخَوَالِفِ الصِّبْيَانُ وَالْعَجَزَةُ وَالنِّسَاءُ، الَّذِينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْقِيَامَ بِشَرَفِ الْجِهَادِ، لِلدِّفَاعِ عَنِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ. وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالطَّبَرِيِّ الَّذِي جَرَيْنَا عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا.
وَالْمَرَّةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوَّلَ مَرَّةٍ قَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي كَلَامِهِمْ ظَرْفًا، وَأَصْلُهَا الْفَعْلَةُ
الْوَاحِدَةُ مِنَ الْمَرِّ وَالْمُرُورِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْمَرَّةُ الْفَعْلَةُ الْوَاحِدَةُ جَمْعُهَا مَرٌّ وَمِرَارٌ وَمِرَرٌ بِكَسْرِهَا وَمُرُورٌ بِالضَّمِّ. " وَلَقِيَهُ ذَاتَ مَرَّةٍ " قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا ظَرْفًا، وَ " ذَاتَ الْمِرَارَةِ " أَيْ: مِرَارًا كَثِيرَةً. انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 493
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست