responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 473
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنَّ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبُهُمْ اللهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
هَاتَانِ الْآيَتَانِ تَهْدِيدٌ لِلْمُنَافِقِينَ، وَإِنْذَارٌ لَهُمْ بِالْجِهَادِ كَالْكُفَّارِ الْمُجَاهِرِينَ، إِذَا اسْتَرْسَلُوا بِهَذِهِ الْجُرْأَةِ فِي إِظْهَارِ مَا يُنَافِي الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ، مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، كَالْقَوْلِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ بَعْدَ أَنْ أَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، وَكَذَّبَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي إِنْكَارِهِمْ، أَوْ بِجِهَادٍ دُونَ جِهَادِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ وَأَقَلُّهُ أَلَّا يُعَامَلُوا بَعْدَ هَذَا الْأَمْرِ كَمُعَامَلَةِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَأَنْ يُقَابَلُوا بِالْغِلْظَةِ وَالتَّجَهُّمِ لَا بِالطَّلَاقَةِ وَالْبِشْرِ وَاللِّينِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ أَيْ: ابْذُلْ جَهْدَكَ فِي مُقَاوَمَةِ الْفَرِيقَيْنِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ بِمِثْلِ مَا يَبْذُلُونَ مِنْ جُهْدِهِمْ فِي عَدَاوَتِكَ، وَعَامِلْهُمْ بِالْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِسُوءِ حَالِهِمْ، وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْكُفَّارِ فِي جِهَادِ الدُّنْيَا ; لِأَنَّهُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهُ بِإِظْهَارِهِمْ لِعَدَاوَتِهِمْ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلِمَا جَاءَ بِهِ، وَالْمُنَافِقُونَ يُخْفُونَ كُفْرَهُمْ وَعَدَاءَهُمْ وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ فَيُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا، وَقَدَّمَ ذِكْرَ الْمُنَافِقِينَ فِي جَزَاءِ الْآخِرَةِ ; لِأَنَّ كُفْرَهُمْ أَشَدُّ، وَعُذْرَهُمْ فِيهِ أَضْعَفُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْجِهَادِ بِمَعْنَاهُ الْعَامِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْقُرْآنِ، وَبِمَعْنَاهُ الْخَاصِّ بِالْقِتَالِ فِي مَوَاضِعَ أَجْمَعَهَا الِاسْتِطْرَادُ الَّذِي كَتَبْنَاهُ فِي آخِرِ آيَةِ الْجِزْيَةِ (ص269 وَمَا بَعْدَهَا ج 10 ط الْهَيْئَةِ) وَفِيهَا أَنَّ الْجِهَادَ مُشَارَكَةٌ مِنَ الْجُهْدِ وَهُوَ الطَّاقَةُ وَالْمَشَقَّةُ كَالْقِتَالِ مِنَ الْقَتْلِ، وَأَنَّهُ حِسِّيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ، وَقَوْلِيٌّ وَفِعْلِيٌّ، وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ يُعَامَلُونَ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ كَالْمُسْلِمِينَ الصَّادِقِينَ، فَلَا يُقَاتَلُونَ إِلَّا إِذَا أَظْهَرُوا الْكُفْرَ الْبَوَاحَ بِالرِّدَّةِ، أَوَبَغَوْا عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقُوَّةِ، أَوِ امْتَنَعَ بَعْضُ طَوَائِفِهِمْ مِنْ إِقَامَةِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 473
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست