responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 398
وَنَشَاطٍ وَكَسَلٍ، وَيَكُونَانِ بِالْأَسْبَابِ وَالْأَحْوَالِ، كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي الْمَالِ وَالْعِيَالِ. وَوُجُودِ الظَّهْرِ (الرَّاحِلَةِ) وَعَدَمِهِ، وَثُبُوتِ الشَّوَاغِلِ وَانْتِفَائِهَا. فَإِذَا أُعْلِنَ النَّفِيرُ الْعَامُّ، وَجَبَ الِامْتِثَالُ إِلَّا فِي حَالِ الْعَجْزِ التَّامِّ، وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ 91 مِنْ هَذَا السِّيَاقِ: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْآيَةَ، وَعُذْرُ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مَشْرُوطٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ كَمَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَسَتَأْتِي. وَمَا وَرَدَ عَنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ مِنْ تَفْسِيرِ الْخِفَافِ وَالثِّقَالِ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْكُلِّيَّاتِ فَهُوَ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلْحَصْرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهِمَا: نَشَاطًا وَغَيْرَ نَشَاطٍ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: مُوسِرِينَ وَمُعْسِرِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: خِفَافًا مِنَ السِّلَاحِ، أَيْ: مُقِلِّينَ
مِنْهُ، وَثِقَالًا بِهِ أَيْ: مُسْتَكْثِرِينَ مِنْهُ. وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: شُبَّانًا وَشُيُوخًا. وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: رُكْبَانًا وَمُشَاةً. وَأَبُو صَالِحٍ: فُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي مَعْنَاهُ: الثَّقِيلُ الَّذِي لَهُ الضَّيْعَةُ يَكْرَهُ أَنْ يَدَعَ ضَيْعَتَهُ. وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَشَاغِيلَ وَغَيْرَ مَشَاغِيلَ.
وَمِمَّا هُوَ نَصٌّ فِي إِرَادَةِ عُمُومِ الْأَحْوَالِ قَوْلُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ - وَقَدْ شَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا إِلَّا غَزْوَةً وَاحِدَةً: قَالَ اللهُ تَعَالَى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا فَلَا أَجِدُنِي إِلَّا خَفِيفًا أَوْ ثَقِيلًا. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحَرَّانِيِّ قَالَ: وَافَيْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَارِسَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ جَالِسًا عَلَى تَابُوتٍ مِنْ تَوَابِيتِ الصَّيَارِفَةِ بِحِمْصَ - وَقَدْ فَضَلَ عَنْهَا مِنْ عِظَمِهِ - يُرِيدُ الْغَزْوَ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: أَبَتْ عَلَيْنَا سُورَةُ الْبُعُوثِ - يَعْنِي بَرَاءَةٌ - انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَرُوِيَ عَنْ حَيَّانَ بْنِ زَيْدٍ الْشَرَعْبِيِّ قَالَ: نَفَرْنَا مَعَ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو - وَكَانَ وَالِيًا عَلَى حِمْصَ - قِبَلَ الْأَفْسُوسِ إِلَى الْجَرَاجِمَةِ فَرَأَيْتُ شَيْخًا كَبِيرًا هَرِمًا قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ. مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِيمَنْ أَغَارَ، فَقُلْتُ: يَا عَمُّ قَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْكَ، قَالَ: فَرَفَعَ حَاجِبَيْهِ عَنْ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي اسْتَنْفَرَنَا اللهُ خِفَافًا وَثِقَالًا، أَلَا إِنَّهُ مَنْ يُحِبُّهُ اللهُ يَبْتَلِيهِ، ثُمَّ يُعِيدُهُ فَيُبْقِيهِ، وَإِنَّمَا يَبْتَلِي اللهُ مِنْ عِبَادِهِ مَنْ صَبَرَ وَشَكَرَ وَذَكَرَ وَلَمْ يَعْبُدْ إِلَّا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ.
أَقُولُ: بِمِثْلِ هَذَا الْفَهْمِ لِلْقُرْآنِ وَالِاهْتِدَاءِ بِهِ فَتَحَ سَلَفُنَا الْبِلَادَ، وَسَادُوا الْعِبَادَ، وَكَانُوا خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِهِمْ، وَالْمُشَارِكِينَ لَهُمْ فِي مِلَّتِهِمْ. وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ مِنْ شُعُوبِ أُمَّتِنَا حَظٌّ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا تَغَنَّى بَعْضُهُمْ بِتِلَاوَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، وَاشْتِغَالِ آخَرِينَ بِإِعْرَابِ جُمَلِهِ، وَنُكَتِ الْبَلَاغَةِ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَأَسَالِيبِهِ، مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَلَا فِقْهٍ فِيهَا، وَلَا فِكْرٍ وَلَا تَدَبُّرٍ لِمَا أُوْدِعَ مِنَ الْعِظَاتِ وَالْعِبَرِ فِي مَطَاوِيهَا، فَهُمْ يَتَشَدَّقُونَ بِأَنَّ: 30 خِفَافًا وَثِقَالًا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ، وَلَا يُرْشِدُونَ أَنْفُسَهُمْ، وَلَا غَيْرَهُمْ إِلَى مَا أَوْجَبَاهُ عَلَى ذِي الْحَالِ. وَقَدْ يَذْكُرُ مَنْ يُسَمَّى الْفَقِيهُ فِيهِمْ مَا قِيلَ
مِنْ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (9: 122)

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 398
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست