responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 394
مِمَّا قَالَتِ النَّصَارَى فِي ثَالُوثِهِمْ (الْآبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ) كَمَا قُلْتُمْ فِي كَوْنِهِ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَحَدُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي حُنَيْنٍ، فَجَعَلْتُمْ هَذَا الثَّبَاتَ الَّذِي لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَا بِحَدِيثٍ مَرْفُوعٍ، وَلَا مُرْسَلٍ مُتَوَاتِرٍ، حُجَّةً عَلَى كَوْنِهِ وَحْدَهُ دُونَ مَنِ اعْتَرَفْتُمْ بِثَبَاتِهِمْ مَعَهُ سَبَبًا لِلنَّصْرِ، وَإِنْقَاذِ الرَّسُولِ مِنَ الْقَتْلِ، وَبَقَاءِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الْوُجُودِ، وَكَمَا فَعَلْتُمْ فِي حَدِيثِ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَهُ، إِذْ فَضَّلْتُمُوهُ بِهِ عَلَى الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ عَلَى حِينِ قَدْ ثَبَتَتْ تَسْمِيَةُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الصِّدِّيقَ أَخًا لَهُ بِأَحَادِيثَ أَصَحَّ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ كَقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا دُونَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عِنْدَهُ أَعْلَى مَنْزِلَةً مِنْ جَمِيعِ أُمَّتِهِ.
وَقَدْ قَرَأْنَا وَسَمِعْنَا عَنْكُمْ أَنَّكُمْ تَفْخَرُونَ بِعَدَدٍ آخَرَ لَمْ تَثْبُتْ رِوَايَتُهُ بِمِثْلِ مَا ثَبَتَتْ بِهِ رِوَايَةُ هَذَا الْعَدَدِ، وَلَا يَبْلُغُ دَرَجَتَهُ فِي عَظَمَةِ الْمَعْدُودِ. قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّوَافِضَ فِي الدِّينِ كَانُوا إِذَا حَلَفُوا قَالُوا: وَحَقِّ خَمْسَةٍ سَادِسُهُمْ، وَأَرَادُوا بِهِ أَنَّ الرَّسُولَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَعَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانُوا قَدِ احْتَجَبُوا تَحْتَ عَبَاءَةٍ يَوْمَ الْمُبَاهَلَةِ فَجَاءَ جِبْرِيلُ وَجَعَلَ نَفْسَهُ سَادِسًا لَهُمْ، فَذَكَرُوا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ الْوَالِدِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَوْمَ هَكَذَا يَقُولُونَ، فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: لَكُمْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ بِقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا "؟ وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ جِنَايَاتِ الرَّوَافِضِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا
أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ خَصْمَيْنِ، وَمَا وَرَدَ فِي مَنَاقِبِهِمَا مُعَارِضًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ، فَمَا كَانَا إِلَّا أَخَوَيْنِ فِي اللهِ، وَفِي نَصْرِ رَسُولِهِ، وَإِقَامَةِ الْإِسْلَامِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَقَامٌ مَعْلُومٌ، وَمَا وَرَدَ فِي مَنَاقِبِ عَلِيٍّ أَعْلَى اللهُ مَقَامَهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَرَدَ فِي مَنَاقِبِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدْ غَلَطَ الرَّازِيُّ فِي نَقْلِهِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْعَبَاءَةِ أَوِ الْكِسَاءِ وَرَدَتْ فِي قِصَّةِ الْمُبَاهَلَةِ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي إِثْبَاتِ جَعْلِ عَلِيٍّ وَزَوْجِهُ وَوَلَدَيْهِمَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ النَّبَوِيِّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دَاخِلِينَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33: 33) وَالْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي الْأَزْوَاجِ الطَّاهِرَاتِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ ـ إِذْ رُوِيَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ جَمَعَهُمْ مَعَهُ فِي الْكِسَاءِ، وَدُعَاءُ اللهِ بِأَنْ يُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَيُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا، وَالْمَقَامُ لَا يَسْمَحُ بِالْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا.
(ثَالِثًا) أَنَّكُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِلصِّدِّيقِ عَنِ الْحُزْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ كَانَ عَاصِيًا بِذَلِكَ الْحُزْنِ وَمُتَّصِفًا بِالْجُبْنِ، وَهَذَا الزَّعْمُ دَلِيلٌ عَلَى جَهْلِكُمْ بِالْقُرْآنِ، وَبِمَقَامِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَبِاللُّغَةِ، وَبِطِبَاعِ الْبَشَرِ، وَإِنَّمَا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست