responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 389
الْأَعْظَمِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَوَرَدَ خِطَابًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَدْ عَلَّلَ فِي آخِرِ سُورَةِ النَّحْلِ بِمَعِيَّةِ اللهِ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ، وَعَلَّلَ هُنَا بِالْمَعِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ مِنْهَا وَأَعْلَى كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَكْمَلُ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ لِهِدَايَةِ الْبَشَرِ كَافَّةً، فَهُوَ يَمْدَحُ الْإِيمَانَ وَالْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَالصِّفَاتِ الْحَمِيدَةَ وَأَهْلَهَا، وَيَذُمُّ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ وَالْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ، وَالصِّفَاتَ الْقَبِيحَةَ وَأَهْلَهَا، وَلَا تَرَى فِيهِ مَدْحًا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرِ رَسُولِهَا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَّا لِصَاحِبِهِ الْأَكْبَرِ أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ، وَلَا ذَمًّا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْكُفَّارِ غَيْرِ أَبِي
لَهَبِ وَامْرَأَتِهِ. فَاخْتِصَاصُ أَبِي بَكْرٍ بِالْمَدْحِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْقَبَةٌ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، تَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا. وَهَذَا الْمَعْنَى - أَيِ الِاخْتِصَاصُ - غَيْرُ مَوْضُوعِ الْمَدْحِ الْمُتَقَدِّمِ تَفْصِيلُهُ فَهُوَ يَجْعَلُ قِيمَتَهُ مُضَاعَفَةً، إِذْ لَوْ كَانَ فِي التَّنْزِيلِ مَدْحٌ لِغَيْرِهِ كَالْأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ الْوَارِدَةِ فِي فَضَائِلِهِ وَفَضَائِلِ آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابِهِ لَمَا كَانَتْ هَذِهِ مَنْقَبَةٌ خَاصَّةٌ بِالصِّدِّيقِ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْحُ الْمَفْرُوضُ لِغَيْرِهِ دُونَ مَدْحِهِ فِي مَوْضُوعِهِ، كَمَا هُوَ شَأْنُ أَحَادِيثِ الْمَنَاقِبِ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَدْحُ فِي سِيَاقِ تَوْبِيخِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى التَّثَاقُلِ فِي إِجَابَةِ الرَّسُولِ إِلَى مَا اسْتَنْفَرَهُمْ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَالْآثَارُ فِيهِ؟ .
وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ أَنَّ قِصَّةَ الْأَعْمَى تَتَضَمَّنُ ثَنَاءً عَلَيْهِ بِالْخَشْيَةِ، وَهُوَ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْمُؤَذِّنُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ، فَإِنَّ السِّيَاقَ فِيهَا لَيْسَ سِيَاقَ مَدْحٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ يَخْشَى (80: 9) لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْخَشْيَةَ خَاصَّةً بِهِ، وَلَا أَنَّهُ مُمْتَازٌ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ فِيهَا مِنْ إِثْبَاتِ الْفَضْلِ لَهُ مَا لَا يَخْفَى، وَلَا يَرِدُ أَيْضًا عَلَى ذَمِّ أَبِي لَهَبٍ مَا وَرَدَ فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَفِي سُورَةِ الْعَلَقِ، فِي أَبِي جَهْلٍ؛ فَإِنَّ الذَّمَّ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْوَصْفِ لَا بِالشَّخْصِ، مَعَ كَوْنِ الْمَوْصُوفِ قَدْ عُرِفَ مِنْ سَبَبِ النُّزُولِ لَا مِنَ النَّصِّ. وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَاتِرٍ كَتَوَاتُرِ وَصْفِ الصَّاحِبِ لِلصِّدِّيقِ وَدُونَهُ وَصْفُ الْأَعْمَى لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، عَلَى أَنْ لَا يَضُرَّنَا عَدَمُ الْحَصْرِ هُنَا، وَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي بَحْثِنَا.
الْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ، تَفْنِيدُ مِرَاءِ الرَّوَافِضِ، وَتَحْرِيفِهِمْ وَتَبْدِيلِهِمْ لِهَذِهِ الْمَنَاقِبِ:
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَاسْتِنْبَاطِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَنَاقِبِ بِدُونِ مَا أَلْهَمَنَا اللهُ تَعَالَى إِيَّاهُ مَا نَصُّهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّوَافِضَ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَبِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الطَّعْنِ فِي أَبِي بَكْرٍ مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ حَقِيرَةٍ جَارِيَةٍ مَجْرَى إِخْفَاءِ الشَّمْسِ بِكَفٍّ مِنَ الطِّينِ.
(فَالْأَوَّلُ) قَالُوا: إِنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: " لَا تَحْزَنْ " فَذَلِكَ الْحُزْنُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَكَيْفَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست